Author

قبل وبعد البيان التكميلي

|
قام النظام العربي بعد الحرب العالمية الثانية على تشكل بسيط لحكم تقليدي عائلي أو قبلي، وما لبث أن تحول كثير من الدول العربية من نظم الحكم أيام الاستعمار لحكم العسكر الذي كان في معظمه حكما شعاراتيا، وكانت الشعارات هي عداء الصهيونية وإسرائيل، أو المقاومة والممانعة، وما إلى ذلك من شعارات قادت لحربين عربيتين مع إسرائيل، وحروب بينية كثيرة، بل واحتلال لأرض أكثر من بلد عربي. وعاشت هذه الدول العسكرية بعمر نصف قرن من الزمان، ثم انتهت نظمها الهشة إلى السقوط في العقد الأول من الألفية الثانية، بعد ما سمي "الربيع العربي" بعد أن فشلت في صنع إنسان عربي وتنمية حقيقية؛ وفي كل هذا كانت الدول الخليجية تبني تنمية البنى الأساسية، والاجتماعية، وتعلي مؤسسات التعليم فاستفادت البلاد من الاستقرار في بناء مؤسسات تعليم وصحة، وأمن وطرق، ثم قام مجلس التعاون الخليجي ليشمل هذه الدول المستقرة، ويمد يد العون لدول عربية كانت بحاجة إلى العون. عندما سقطت كثير من دول العسكر في هاوية الربيع العربي، وشملتها الاضطرابات كانت المملكة ودول الخليج سندا لبعضها في السعي للاستقرار، ولم يرض هذا بعض فلول الدول العسكرية الهالكة، ومفكري العهود التي انهارت، فحاولوا بث السموم في التفريق بين العرب ودول الخليج، وركبت الموجة نفسها تيارات الإسلام السياسي، التي صنفت في ما بعد بأنها إرهابية، وفعلا كادت تنجح في شق اتفاقات سياسية بين دول الخليج، لكن دول الخليج اجتمعت لتتفق على رأب الصدع، وعقدت عدة اتفاقيات خلال مهلة ستة أشهر تقريبا، وختم ذلك بما عرف بالبيان التكميلي وهو بيان الملك عبد الله بن عبدالعزيز الذي يعلن انتهاء الخلافات ويعلن الدعم غير المحدود لمصر بصفتها بيت العرب، وأكبر تجمع بشري مؤثر في السياسات والاستراتيجية العربية. دول الخليج والدول العربية التي بدأت تجنح للاستقرار بعد فوضى الربيع العربي، أضحت تعي أن العمل السياسي الصحيح يبدأ وينتهي بالإنسان، وأن بناء قوة العرب وتحالفهم سيكون جدارا يحمي الجميع، وأن الفراغ السياسي الذي عم العرب لزمن جلب عليهم ويلات بعضها من الجوار والبعض من بلاد بعيدة تحدوهم جميعا أطماعهم. البيان التكميلي للملك عبد الله بن عبد العزيز هو حجر أساس لبناء تشكل عربي من الدول المستقرة في الخليج، ومصر ليكون قاعدة يبني عليها العرب استقرارهم المنتظر لبدء تنمية الإنسان. ومن هذا البيان التكميلي قد توجد قوى سياسية تعيد تماسك النظام العربي من جديد للبدء في تنمية الإنسان التي تأخرت كثيرا.
إنشرها