Author

التنسيق المتين لسهولة الاتصال بين الطرق والموانئ

|
الحديث عن الموانئ في المملكة حديث عن تاريخ الاقتصاد فيها، وعن حاضرها ومستقبلها، وما من نقاش حول التطوير الاقتصادي في المملكة إلا ويأتي ذكر الموانئ متلازما لهذا التطور وجزءا منه، لكن كيف نفهم التحذير الذي أطلقه موقع سيتريد جلوبال (المختص في الأخبار اليومية لعالم الشحن)، عن خطر الطاقة الفائضة؟ ولماذا ربط هذا التحذير بالموانئ في المملكة، وأنه لا بد أن تكون في صدارة الأولويات من حيث الاستثمار الفعلي؟ يمكن فهم خطر الطاقة الفائضة في سياق مفهوم الكفاءة؛ فكفاءة أي نظام مكون من سلسلة من عمليات التشغيل تكمن في قدرة أضعف مكون من هذه السلسلة، أي أن الحكم على كفاءة أي نظام ليس من خلال أقوى المكونات وطاقاتها الإنتاجية؛ بل بأضعف تلك المكونات وطاقتها الإنتاجية. وهذا يعني أن لا معنى من ضخ استثمارات كبرى في أحد المكونات وترك باقي السلسلة دون تطوير، ذلك أن مثل هذا الإجراء سيوجد مشكلة فائض الطاقة، التي تراكم الإنتاج عند أضعف نقاط في السلسلة. وهذا هو المقصود من تحذير موقع سيتريد جلوبال المتخصص في عالم الشحن، فإذا كانت المملكة تنفق المليارات اليوم على تطوير طاقتها الإنتاجية من المعادن والمواد الخام، وتنفق أكثر من ذلك في تطوير بنيتها الأساسية في مجال النقل البري من خلال السكك الحديدية والخطوط البرية، بينما لا توجد صورة واضحة عن مثل هذا الإجراء من التطوير في قطاع الموانئ البحرية، فإنه من المتوقع حتما أن تصاب الموانئ البحرية بصدمة فائض الإنتاج المقبلة مع القطاعات التي تسبقها. ومعنى هذا أنه مهما بلغت قدرتنا في الإنتاج من خلال المصانع والمحاجر، وقدرتنا في نقلها بسرعة إلى الموانئ، فإن كل هذا الإنتاج سيقف ويتراكم أمام الموانئ وقدرتها الإنتاجية. فكفاءة الاقتصاد السعودي هنا ستقاس بقدرة الموانئ على أن تتوازى مع قدرة باقي المكونات. فالموانئ من أهم الروابط الفعالة في سلسلة النقل، ولا بد أن تكون على اتصال جيد بشبكات الطرق والسكك الحديدية في الداخل، إلى جانب مرافق وخدمات لوجستية جيدة، ولهذا كله، كما أشار الموقع المختص، فإن "السعودية إذا أرادت أن توفر إطارا استراتيجيا متكاملا للتخطيط، فإن الحاجة تدعو إلى قدر أكبر من التنسيق المتين، على نحو يعمل على تحسين المزيد من القدرة وسهولة الاتصال بين الطرق والموانئ، فيما يشتمل الإطار على السماح بالمزيد من المجال لانخراط القطاع الخاص في تطوير الموانئ وعمليات النقل على مستوى المملكة". من جانبها، أوضحت المؤسسة العامة للموانئ السعودية أنه سيتم استثمارات في البنية التحتية العملاقة خلال السنوات المقبلة تصل إلى نحو 30 مليار دولار (112.5 مليار ريال)، وأن هذه الاستثمارات تشمل الطرق والخطوط الحديدية والموانئ، وأشارت إلى أن قيمة الاستثمارات لتطوير الموانئ ستبلغ 14 مليار دولار، لكن خلال الـ 25 سنة المقبلة، فنحن أمام خطة تطوير من 25 سنة، بينما الحاجة ماسة اليوم إلى سرعة تطوير وسائل النقل وآليات الإنتاج المتقدمة، ولذا فإننا نشدد على التقارير التي تشير إلى خطر فائض الطاقة الذي قد يصيب الاقتصاد السعودي، إذا لم تتم المسارعة في تطوير الموانئ السعودية بوتيرة تطوير باقي مرتكزات الاقتصاد والنقل نفسها.
إنشرها