FINANCIAL TIMES

ما السر في الاستماع إلى براند رغم شكاوى الانزعاج؟

ما السر في الاستماع إلى براند رغم شكاوى الانزعاج؟

راسل براند غبي. أنت لا تحتاج إلى شهادتي حتى تصدق ذلك. هذا هو وصفه لنفسه، في نهاية كتابه "الثورة"، الذي يحتوي على وصفاته لكيفية إدارة العالم. من وصفات راسل براند الغريبة، شمولها على إلغاء التجارة الدولية. الأفضل أن نعيش في مجتمعات تعاونية، حيث نزرع طعامنا العضوي. شركة فولكس واجن قد تصنع سيارات تدوم لفترة طويلة وتبيعها في ألمانيا فحسب. كما أن شركة جنرال موتورز قد تفعل الشيء نفسه في الولايات المتحدة، باستثناء أنه سيتم إغلاقها وتوزيع أصولها على ضحايا مفاتيح الإشعال المعيبة. أو لربما قد تصبح شركة تعاونية للعمال، إلى جانب كل شركة تتجاوز إيراداتها الناتج الوطني الإجمالي، لأصغر بلد في العالم. بدلاً من أنظمتنا الانتخابية، التي يرفض براند المشاركة فيها، ستكون لدينا استفتاءات متكررة، كما في سويسرا - إلا أن الناس المحرّرين من تأثير وسائل الإعلام اليمينية، لن يكتفوا بالتصويت، كما يفعل السويسريون، للسماح للرؤساء التنفيذيين بالاستمرار في كسب الرواتب الكبيرة. بإمكانك أن تسأل أسئلة عن العواقب غير المتوقعة (من قِبله) لهذه الاقتراحات، لكن استجابة براند كانت إما بتحويل السلوك الغريب، كما في تناوله لوجبة الغداء مع زميلتي لوسي كيلاوي، أو بالصراخ في وجه المذيع لإسكاته، كما فعل مع إيفان ديفيس في برنامج نيوزنايت على شبكة بي بي سي. هذا أمر مؤسف، حيث هناك أجزاء من الكتاب، مثل الحاجة إلى مجتمعات متفككة لإعادة بناء نفسها، يمكن أن يتم تطويرها بشكل مفيد من قِبل كاتب أعمق تفكيراً وأكثر تنظيماً. لديه المنصة والجمهور. بسبب ثرثرته عن وسائل الإعلام الرأسمالية، براند لديه متابعون على موقع تويتر أكثر من صحيفة فايننشال تايمز وصحيفة وول ستريت معاً. كما تجذب فيديوهاته على موقع يوتيوب مئات الآلاف، وأحياناً ملايين، المشاهدات، حيث يضعها جزئياً من خلال أسلوبه المُحطم، لكن إلى حد كبير، لأنه مهما كانت حلوله قلقة وغير ثابتة، تعمل بشكل صحيح على تحديد بعض المشاكل: الشركات فصلت نفسها عن المجتمعات التي بدأت فيها، وقادتها غير خاضعين للمساءلة ويتلقون أجورا مبالغا فيها، والمجتمعات غير متساوية على نحو متزايد، والنظام بأكمله يبدو غير عادل. براند ليس الشخص الوحيد الذي يتحدث بهذه الطريقة. من قال هذا؟ "الغضب العام يستند إلى الرأي بأن المكافآت في القطاع المالي غير متكافئة وأن النظام مزوّر". هذا هو ما قالته مينوش شفيق، نائبة محافظ بنك إنجلترا. ومن قال هذا؟ "الصناعة المالية فقدت ثقة الناس إلى حد كبير". هذا كان وليام دادلي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. وكان دادلي قد استشهد بمقالة في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو التي تجادل: بأن" المشاكل الأخلاقية في المنظمات لا تنبُع من ’بضع تفاحات فاسدة‘ فحسب، بل من ’صنّاع البراميل‘ أيضاً". لو كان قد قال ذلك بلهجة مقاطعة إسيكس، لكان هو نفسه براند. كذلك فإن دادلي هدد أيضاً المصرفيين إنه في حال لم تتحسّنوا فإن "شركاتكم ستحتاج إلى أن يتم تقليصها وتبسيطها بشكل كبير". هذا لم يصل إلى درجة اقتراح براند بالنسبة لشركة جنرال موتوزر، لكنه عنيف جداً. هل هذه الآراء تتجاوز الخدمات المالية إلى الرأسمالية نفسها؟ اقتبس دادلي استطلاع هاريس لعام 2012 الذي توصّل إلى أن 42 في المائة من الناس يوافقون أنه "إلى حد ما" أو "إلى حد كبير" تلحق وول ستريت "الضرر بالبلاد"، لكن الرأسمالية لا تزال تحظى بالشعبية، وذلك ليس في الولايات المتحدة، فحسب. في استطلاع للرأي أجرته شركة بيو للأبحاث الشهر الماضي توصّل إلى أن متوسط 66 في المائة من الناس في جميع أنحاء العالم، يشعرون بأنهم أفضل حالاً في ظل الرأسمالية. بعض البلاد لم توافق: انخفض تأييد الأسوق الحرة إلى أقل من 50 في المائة في اليابان، وإسبانيا واليونان. الإيمان بالرأسمالية كان مرتفعاً بشكل خاص في الاقتصادات الناشئة مثل فيتنام والصين، وكانت هناك أيضاً أغلبية كبيرة لها في الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة. هذا لا يعني أن الجميع كانوا سعداء. الأغلبية في 44 بلدا التي شملها الاستطلاع وافقت على أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء هي مشكلة كبيرة، وتوقع نحو ثلثي الأشخاص في الولايات المتحدة وأوروبا، أن يكون أطفالهم أسوأ حالاً منهم. الخطر بالنسبة للشركات ليس أن النظام على وشك الإطاحة به، لكن أن الحكومة ستشعر بضغط متزايد لاتخاذ إجراءات بشأن قضايا محددة، سواء كان أجر المصرفيين، أو استخدام الشركات الأمريكية للمراجحة الضريبية من أجل تقليص فواتير الضرائب، أو تعهد زعيم حزب العمال إيد ميليباند بتجميد فواتير الطاقة. ثورة براند لن تحدث، لكن كثيرا من انتقاداته لها أصداء بين الناس – وليس ضمن مشجعيه الذين يؤمنون بها، فحسب.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES