FINANCIAL TIMES

صراع كسر عظم بين ساركوزي ولوبن لاستمالة أصوات اليمين

صراع كسر عظم بين ساركوزي ولوبن لاستمالة أصوات اليمين

صراع كسر عظم بين ساركوزي ولوبن لاستمالة أصوات اليمين

عندما صعد نيكولاس ساركوزي أخيراً إلى المنصة ليقول لأعضاء من مجموعة المنطق السليم المحافظين في فرنسا، إن القانون الذي تم إقراره العام الماضي، الذي يقضي بمنح الأزواج الشاذين حقوق الزواج والتبنّي، ينبغي أن "يتم إعادة كتابته تماماً"، هاجوا وأثاروا ضجة مطالبين بالمزيد. بتحريض من صرخات بعبارة "إلغاء! إلغاء!"، استسلم ساركوزي، وقال في لحظة يبدو أنها مرتجلة: "إذا كنتم تفضلون ذلك، أنا أقول ’دعونا نلغي القانون‘ ... فالأمر يؤدي إلى الشيء نفسه". التعهد بإلغاء التشريعات المشحونة بشدة يُسلط الضوء على التحدّي الذي يُشكّله اليمين المتطرف على عودة ساركوزي السياسية. حتى يتمكن ساركوزي من تحقيق طموحه بالفوز بولاية رئاسية ثانية، من المرجح أن عليه التغلّب على مارين لوبن، زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، في عام 2017. على أنه حتى يحصل على فرصة للوصول إلى الرئاسة يجب أولاً أن يفوز بالترشيح ليكون مرشح حزبه ’حزب اتحاد الحركة الشعبية اليميني الوسط‘ UMP ضد الوسطي آلان جوبيه، رئيس الوزراء السابق وعمدة بوردو الآن. جيروم فوركيه، منظم الاستفتاءات والمحلل السياسي في وكالة آيفوب في باريس يجادل بأن ساركوزي يجد نفسه في موقف فريد من نوعه، يفرض عليه خوض فترتي انتخابات في وقت واحد. الأولى تأتي في التاسع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) لقيادة حزبه، التي لا يتنافس فيها جوبيه والرئيس السابق متأكد أنه سيفوز بها. والثانية، في عام 2016، هي لترشيح حزبه للمرشح الرئاسي، حيث جوبيه يظهر ليكون منافسا قويا. #2# إقرار قانون زواج الأشخاص من الجنس نفسه العام الماضي أثار مظاهرات في فرنسا، مع خروج مئات الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع. يقول جيمس شيلدز أستاذ السياسة الفرنسية في جامعة أستون في المملكة المتحدة، إن ساركوزي يتمسك بالموضوع الذي يُناقش وعيه الحاد للنجاح الأخير لحزب الجبهة الوطنية. ثم إن كون ساركوزي، الذي يتم تذكّره لفترة رئاسته المرحة الصاخبة بين عامي 2007 و2012، تمسك بواحدة من أجزاء التشريعات الأكثر رمزية للحكومة الاشتراكية، ينبغي ألا يكون مفاجئاً، نظراً لجمهوره المحافظ جداً في اجتماع عطلة نهاية الأسبوع. يقول شيلدز: "إنه يحاول النفاذ إلى جوهر حزب اتحاد الجبهة الشعبية، ليُناشد أعمق غرائزه". حتى يوم السبت، كان خط ساركوزي عن القضية المشحونة سياسياً إزاء زواج الشاذين يتسم بالحذر، لكن النهج المترقب قد بدأ يؤثر في شعبيته. استطلاع للرأي أجرته وكالة آيفوب هذا الشهر يُشير إلى أن 52 في المائة من المتعاطفين مع حزب اتحاد الحركة الشعبية يدعمون ترشيحه للرئاسة من قبل الحزب – وهو رقم لا بأس به لكنه أقل بكثير من نسبة 65 في المائة الذين كانوا يدعموه في أيلول (سبتمبر) الماضي. في الفترة نفسه، شهد جوبيه ارتفاع شعبيته بين المتعاطفين مع حزب الحركة الشعبية تزيد من 23 إلى 33 في المائة. يقول فوركيه: "واجه ساركوزي الكثير من الصعوبات للعودة [إلى السياسة]. إن عدم وجود دافع حتى الآن يجبره على التوجه أكثر إلى اليمين". ويُضيف أنه في حين أن الانتقال إلى اليمين قد ينجح بشكل جيد مع العديد من المحافظين التابعين للحزب البالغ عددهم 270 ألف شخص ونيّف، فإن المتوقع هو التصويت في له في منافسة القيادة، إلا أن الرئيس السابق قد يكون يُراكم المشكلات على نفسه في حملة الانتخابات التمهيدية عندما سيواجه جوبيه. من المتوقع أن يدلي مليون شخص بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التمهيدية، على أن اتجاهاتهم السياسية ليست متطرفة إلى اليمين مثل سياسات الناخبين الذين يحاول ساركوزي الآن جذبهم. وفقاً لأحد استطلاعات الرأي، فإن 58 في المائة من المتعاطفين مع حزب اتحاد الحركة الشعبية يعتقدون أنه ينبغي أن يحصل الأزواج الشاذون على حق الزواج - بارتفاع عن 33 في المائة في كانون الثاني (يناير) العام الماضي. في الوقت نفسه، فإن 38 في المائة يدعمون الآن حقهم في التبنّي، مقارنة بـ 18 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2012. هذا وكان جوبيه، الذي يضع نفسه بقوة في الوسط، قد انتقد أداء ساركوزي في عطلة نهاية الأسبوع. تحوّل ساركوزي يأتي في وقت اختبار لحزبه ’حزب اتحاد الحركة الشعبية‘، الذي يكافح إزاء الديون الكبيرة، فيما تعصف به الانقسامات الداخلية التي تلعب دوراً لمصلحة حزب الجبهة الوطنية المتصاعد. تحت قيادة لوبان، حقق حزب الجبهة الوطنية تقدّما كبيرا هذا العام، ويعود قسم كبير من الفضل في ذلك إلى إحباط الناخبين من الاشتراكيين بقيادة الرئيس فرانسوا هولاند وحزب اتحاد الحركة الشعبية المنقسم. في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في أيار (مايو)، فاز حزب الجبهة الوطنية باقتراع على الصعيد الوطني لأول مرة، ليهزم منافسيه بسهولة. وهي النتيجة المذهلة التي تبعت أفضل أداء له في الانتخابات البلدية منذ عام 1995. من خلال إطلاق عودته على موقع فيسبوك، كان ساركوزي يسعى إلى بناء "الوحدة" بين الناخبين الفرنسيين. على أن الدعوة إلى إلغاء قانون زواج الشاذين المثير للجدل والانقسام الشديد، ربما جعلت هذا الأمر إلى حد كبير، أصعب قليلاً من أن يتحقق.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES