ثقافة وفنون

التشكيلي السعودي يشكو نمطية الجمعيات وغياب الدراسات والمعاهد المتخصصة

التشكيلي السعودي يشكو نمطية الجمعيات وغياب الدراسات والمعاهد المتخصصة

التشكيلي السعودي يشكو نمطية الجمعيات وغياب الدراسات والمعاهد المتخصصة

التشكيلي السعودي يشكو نمطية الجمعيات وغياب الدراسات والمعاهد المتخصصة

تبرز الفنون التشكيلية في المعارض الشخصية أو الجماعية التي ينظمها الفنانون المحليون دوريا في شتى بقاع المملكة، وتراها نشطة في منطقة دون أخرى بحسب تقبل المجتمع لها وتجاوب جمعيات الثقافة المعنية بها. بدايات التشكيل وعلى الرغم من اختلاف المدارس التي ينتمي لها تشكيليو المنطقة، إلا إن التجريدي والرمزي أصبحا السمة الغالبة لأبرز الأسماء منذ السبعينيات، على الرغم من التقيد بالموضوع الاجتماعي والموروث المحلي في أغلب الأوقات كنوع من التوثيق. بدأت قصة الفن التشكيلي في المملكة منذ 1968 بتخرج الدفعة الأولى من معهد التربية والفنون في الرياض والذي أغلق لاحقا في عام 1990، كما يذكر عبد الرحمن السليمان في كتابه «مسيرة الفن التشكيلي السعودي»، والذي صنف فيه الفنانين بحسب أجيالهم بدءا من الجيل الأول في الستينيات الذي واجه صعوبات عديدة تجاوزها بالإصرار والتحدي وبعد النظر، مستشهدا على ذلك بالفنان عبد العزيز حماد الذي واصل إصراره بإقامة ثلاثة معارض بعد معرضه الأول الذي لم يحضره أحد، منتهيا بجيل التسعينيات الذي وصفه بالتمرد، والسعي للتجاوز تأكيدا على الشخصية المستقلة، إلا إن حركة الفن التشكيلي أخذت شكلا جديدا ومنظما بعد تبني الرئاسة العامة لرعاية الشباب هذا الجيل بعد أن كانت رعاية القطاع العام من الشباب تعود لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية. مزاوجة التجارب الفنان عبد العظيم شلي تحدث لـ "الاقتصادية" الثقافية بداية عن الإيجابية التي خلقتها الجماعات الفنية في المملكة بإشهارها أسماء المنتمين إليها، فهي تساعد على الانتشار الشخصي وبداية الظهور يكون من خلالها، وماهدفها الأول والأخير سوى تجميع الفنانين لإبراز المكان، وتطوير العملية الفنية سواء من الناحية المعنوية، أو الناحية المادية والتي هي ليست ذات جدوى كبيرة لارتباطها بالمقتني المقتدر. ظاهرة دخول المعارض ليست منتشرة في المنطقة، ويمكن القول إنها في جدة بارزة أكثر وتتبناها جماعات معروفة ولديهم سوق فني رائج، على عكس المنطقة الشرقية التي أسست جماعاتها منذ نحو 20 عاما وتجربتها المادية فردية أو جماعية حتى الآن حالة لاتذكر، فأعضاؤها لا يزالون يدفعون قيمة الاشتراك، فضلا عن قيمة الورش السنوية، فشتان بين الزخم المادي هنا وهناك. #2# ويضيف شلي أن بعض الفنانين ينتمون لهذه الجماعات لأنهم لا يملكون الروح أوالطاقة التي تخولهم إنتاج معرض شخصي متكامل فيشاركون ضمن الجماعة، وهؤلاء غالبا مايكون إنتاجهم قليلا وليس لديهم نظرة مادية، وهمهم الوحيد إظهار أفكارهم ونظرتهم وثقافتهم للعامة من خلال المشاركات الجماعية، وأخيرا الأمر يعود لقناعة كل فنان، قائلا "لا يتساوى الفنانون في النظر إلى الهدف الربحي". ويؤمن شلي بقيمة الجماعة لأنها محفز للإنتاج الفني، وذلك لأن الجماعة تتكفل بالكثير من هموم ومتطلبات العرض، كما أن مشاركة 70 تشكيليا في المعرض يعني أن هنالك 70 أسلوبا يتم عرضه، مايتيح للجمهور والنقاد الوقوف على تجارب متعددة، أما فيما لو كان المعرض شخصيا فالأسلوب سيكون واحدا، مضيفا أن الجماعة واجهة وفنية وثقافية للدولة لو تم وارتحلت هذه المعارض للمحافل الخارجية. وعن قبول الفنان الخوض في "المستحدث" يوضح شلي إنها كالموجات التي تأخذ بالتشكيلي لأبعاد أخرى، وهناك بالفعل من يقتحم هذه الفضاءات بتقليد آخرين، وهو خطأ يقع فيه كثر لأن التشكيلي يجب عليه أولا أن يؤمن بقدراته إيمانا كاملا، وبجدوى الفن ودوره ثانيا، وأن ينتج حسب قناعاته وليس بحسب ماهو دارج. ويوضح أن جميع المدارس مفتوحة، وما يهم هو الصدق والاتقان في العمل الفني، فلا يجب أن أتجه للتجريد وأنا لا أمتلك أدواته، أولا تزال غير مكتملة لدي، كما أن جميع المدارس لها حضورها على مستوى العالم والجميع أصبح متذوقا، مايوجب علي الرؤية ولو كانت واقعية، والابتعاد عن النمطية، والموضوعات المستهلكة، وإقناع المشاهد بعملي بالابتعاد عن السطحية التي تحدث خللا نتيجة عدم اكتمال هذه الأدوات. #3# ويشير شلي إلى أن اللوحة المعاصرة ما عادت مقتصرة على مدرسة معينة، فنحن في مرحلة ما بعد الحداثة والمفاهيمية والفن مفتوح على مصراعيه، بالمزاوجة بين الأساليب والتجارب، وكل ما تتطلبه هو الاعتماد على صدق الفنان ورؤياه، كما أنه لا بد أن يعرف من هم جمهوره فوعي المتلقي هو الحكم، فالمتلقي المحدود لن يتفاعل مع التجريدية أو يتذوقها. تفرد وأصالة التشكيلية مريم بوخمسين من الأحساء ذكرت بدورها أننا نفتقر للدراسات فضلا عن التخصصات الفنية في الجامعات السعودية بشكل احترافي، كما أننا نفتقر للمتاحف المتخصصة، والمعاهد الفنية نادرة جدا، مضيفة أن مناهج التربية الفنية الدراسية غير مواكبة للعصر، "لذا نحن نفتقر إلى الأساس الأكاديمي ككل في المملكة، ولو وجدت بعض الاجتهادات الشخصية الرائعة لكنها حتما لا تكفي". وعن الجماعات الفنية تلفت بو خمسين إلى أنها عادة ما تثير الفنان للمشاركة وتدفع فيه روح المنافسة ليخرج أفضل ما عنده، وهي تضيف للفن بلا شك، خاصة في غياب المؤسسات الرسمية، فهي تشكل بيئة حاضنة يتبادل من خلالها الفنانون الخبرات و يشتركون في إقامة المعارض التي تحرك الساحة الفنية الراكدة و توفر الدعم المعنوي والمعرفي للفنانين المبتدئين، مبينة أن هذه الجماعات رغم قلتها وبساطة إمكاناتها إلا أنها أثمرت ثمارا طيبة وأبرزت على الساحة كثيرا من المتمكنين المغمورين. وتنبه بوخمسين القائمين بمسؤولية الجماعات أن ينتبهوا إلى عدم تكرار الأخطاء الشائعة التي تتم ممارستها، فإضافة إلى الخلافات التي يمكن أن تنشأ بين الأفراد حول السياسات والتنظيم، قد تساهم الجماعات في إنتاج الفنانين النمطيين أي أن كل فنان يكرر الآخر دون فرادة و أصالة. أيضا قد تشتت الفنان فيركز على المشاركات الجماعية ويغفل أن الأفضل هو أن يقدم مشروعا فرديا يمثل هويته الخاصة. وتظن بوخمسين أن الفن الحديث لم يعد لوحة فقط ، فكل شيء أصبح قابلا لأن يكون عملا فنيا إذا كان مبتكرا واحتوى على مضمون مميز، لكن هذا لا يعني عدم جدوى الأساليب التقليدية، ووجود الأساليب الحديثة لا يشترط موت الأساليب القديمة فلكل فن طابعه الخاص ورواده وجماهيره ومتذوقوه. عندما نقوم بأي عمل فإننا نتحمل نتائجه، فالفنان التقليدي لن يحصل على التقدير والأضواء والرواج ذاته الذي سيحصل عليه الفنان الحديث بطبيعة الحال، منوهة إلى أن الأهم من كل ذلك هو أن يعبر عما يجول في خاطره بطريقته الخاصة ومن الأفضل له تطوير أساليبه وزيادة وعيه في الوقت نفسه. تشكيل الحضارة فيما ترى الفنانة غدير فهد الظيريان من نجران أن الفن التشكيلي يفتقر للدراسات، فهو لا يقل أهمية عن اللغة والرياضيات وبقية العلوم كونه يمثل حضارة مجتمع، وعلى الرغم من وجود مواهب تستحق الاهتمام والتطوير والدعم لغياب مفهومه الحقيقي عن المجتمع. وتضيف الظيريان أن الجماعات رغم إيجابيتها وسعيها لتطوير الموهبة واستثمارها، إلا إنها يجب أن تبتعد عن الاحتكار بترك الحرية للفنان في إدارة أعماله دون توجيه معين، ودون التحيز لجماعة معينة، لافتة إلى أن بعض الجماعات تفقد أهدافها ما يجعلها معيقة للفن، مبينة أن عدم الانتماء للجماعة لن يصيب الفنان بالموت الفني فالتجارب الناجحة لكثير من الفنانين تثبت ذلك. وأشارت إلى أن أكثر المدارس الفنية في المملكة هي الواقعية أو التجريدية إلا إن ذلك لا يعني التزام الفنان بهما دون دمج الخامات حال تمكنه من ذلك، فالفن لا يوجب الالتزام بالمنهج طالما لم يفقد العمل جماليته، مضيفة أن المعارض الشخصية تقدم الفنان بأكثر من عمل، وتبين أسلوبه. وعلقت الفنانة إيمان الجشي بأن الفنان لا بد أن ينخرط ضمن الجماعات الفنية ليمتلك الخبرة، وينطلق بعدها بالاعتماد على نفسه، ولا يمكن للفنان أن يخبت ضوؤه مالم يتنازل عن نشاطه وتمسكه بالفن التشكيلي، لافتة إلى أن الجماعات ساهمت مساهمة كبيرة بالارتقاء بالحركة التشكيلية في المنطقة بسيرها وفق ضوابط معينة لمصلحة الفنان وإبرازه. وتوضح الجشي أن الفنان لا بد أن يمتلك الدراية بكل مايدور في الساحة لاختيار ما يتلاءم معه لتطوير نفسه، وبالتالي تجربته بعيدا عن التقليد بأن يختار أدواته بعناية. وترى أن المشكلة تكمن في جامعات المنطقة وافتقارها لتخصصات المجال الفني، وأغلب الفنانين والفنانات قاموا بالاجتهاد والاعتماد على أنفسهم في دراسة الفن التشكيلي، كما تفتقر المملكة أيضا إلى صالات العرض وإلى عديد مما يخص الفن التشكيلي ويرتقي به.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون