Author

تراجع مبيعات الفلل في السعودية 38.6 % خلال 11 شهرا

|
عضو جمعية الاقتصاد السعودية
أنهت السوق العقارية السعودية أسبوعها الثاني منذ بدء التطبيق الإلزامي الكامل لأنظمة ولوائح التمويل، وقد يكون من المبكّر في الوقت الراهن الحكم يقيناً على تأثّرها من عدمه، وعلى درجة ذلك التأثّر، على الرغم من الركود الذي بدأته قبل تطبيق الأنظمة مطلع الشهر الجاري. #2# وسيتأكّد في الأسابيع أو حتى الشهرين القادمين درجة التأثّر من عدمه، وهي الفترة المثقلة بعديد من مراقبة مؤشرات وعوامل مختلفة محلياً وخارجياً، توزّعت بين مراقبة تأثير أنظمة ولوائح التمويل من جانب، ومن جانبٍ آخر مراقبة تقلبات سعر النفط عالمياً، لما له من انعكاساتٍ بالغة الأهمية على التدفقات الداخلة للاقتصاد، وكون تلك التدفقات هي المزود الأهم لمستويات الإنفاق الحكومي في الاقتصاد الوطني، ولقوة تأثيرها في مستويات السيولة المحلية، عدا بقية العوامل المعنية بإقرار فرض الرسوم على الأراضي داخل النطاق العمراني، وحالة الترقّب التي يمضي وقتها على عموم أفراد المجتمع (مؤيد لها، معارض لها) وفق رؤيةٍ بالغة الضبابية، كونه قرارا استراتيجيا سيكون له آثارٌ بالغة على نشاط السوق، سواء تمّ إقراره أو تمّ رفضه على الإطلاق! ذروة فقاعة أسعار العقارات أظهرت مؤشرات السوق العقارية منذ مطلع العام الجاري تبايناً في اتجاهاتها، فبينما ارتفعت المبيعات في القطاع السكني فيما يخص الأراضي الزراعية والبيوت والشقق وقطع الأراضي للفترة منذ مطلع العام حتى نهاية الأسبوع الماضي، مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، بمعدلات نموٍ جاءت حسب الترتيب 11.8 في المائة، و72.8 في المائة، و19.0 في المائة، و3.5 في المائة على التوالي، فقد قابلها تراجعا عن نفس الفترة لكلٍ من العمائر والفلل السكنية، بلغت نسبها 23.7 في المائة، و38.6 في المائة، وظهرت محصلة كل تلك التباينات في نموٍ طفيف بعدد العقارات السكنية المباعة خلال الفترة بنحو 3.7 في المائة. #3# ولكن بالنظر لتطورات الأشهر الثلاثة الأخيرة للعام الجاري، ومقارنتها بنفس الفترة من العام الماضي، فقد تميل كفّة التطورات لصالح التراجع، حيث ترتفع نسب التراجع بالنسبة لبندي البيوت والفلل السكنية إلى 37.1 في المائة، وأكثر من 43.6 في المائة على التوالي، ومال النمو بالنسبة لبقية البنود الأخرى إلى تهدئة وتيرته بمعدلاتٍ أدنى من تلك المتحققة خلال الفترة الأطول منذ بداية العام. ويُعزى ذلك إلى حضور مؤثرات وعوامل جديدة على السوق خلال الفترة الأخيرة، تم الإشارة إلى أهمها في مطلع التقرير (عوامل داخلية، وأخرى خارجية)، ويتوقع أن تتضح الصورة بجلاءٍ في منظور الأسابيع القادمة، التي قد تمتد إلى كانون الثاني (يناير) 2015 أو الشهرين اللذين يليهما على أبعد تقدير، وهي الفترة التي سيتخللها اتضاح الرؤية حول قرار فرض الرسوم على الأراضي داخل النطاق العمراني، وإعلان الموازنة الحكومية العامّة للعام المالي القادم، إضافةً إلى توافر مزيدٍ من المؤشرات والبيانات الموضحة لأثر تطبيق أنظمة التمويل الأخيرة، والمستويات السعرية للنفط، وما ستفسر عنه إعلانات وزارة الإسكان الأخيرة، كلها عوامل ومتغيرات يتوقّع أن تُسقط تأثيراتها على أداء السوق العقارية. #4# ما بعد ذروة فقاعة أسعار العقارات تمّت الإشارة في التقرير الأسبوعي الأخير إلى بلوغ أسعار العقارات والأراضي لذروة أسعارها مع منتصف عام 2014، وكيف أنّها بدأت في التراجع بنسبٍ طفيفة مع الشهرين الأخيرين تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر)، تزامنت مع تراجع حجم الصفقات وكميات البيع على العموم، باستثناء الشقق السكنيّة التي لم تُظهر بعد تراجعاً في أعداد مبيعاتها، خاصةً أنّ متوسط أسعارها لم يرتفع خلال فترة الأحد عشر شهراً الماضية بأكثر من 4.5 في المائة (متوسط سعر الشقق السكنية 583 ألف ريال). بينما جاءت أكبر نسب التراجع في أعداد الفلل السكنية المبيعة التي تراجعت خلال فترة الأحد عشر شهراً الماضية بنحو 38.6 في المائة، مقابل ارتفاع متوسط أسعارها على مستوى المملكة إلى أعلى رقمٍ لها مثّل ذروة أسعارها عند نحو 1.9 مليون ريال، مسجلاً نمواً سنوياً قياسياً فاق 37.6 في المائة. #5# كما تُظهر قراءات مؤشرات الأسعار مقارنةً بمؤشرات كميات البيع، أنّه كلما ارتفعت الأسعار بنسبٍ أعلى شهدت السوق تراجعاً في كميات البيع! وعليه؛ سيُنظر إلى الفترة الراهنة والقريبة القادمة بالتركيز على هذين المؤشرين، ذلك أنّ من علامات انفجار الفقاعة السعرية أن تبدأ كميات البيع والصفقات في التراجع، لبلوغ الأسعار مستوياتٍ تفوق قدرة الشراء لدى الأفراد، وإن كانت الفترة التي تسبق انفجارها لم يُلمس منها مؤشراتٍ حقيقية تؤكّد هذا الأمر، كما حدث في تداولات قطع الأراضي، التي غذّى نشاطها طابع المضاربة البحت، إلا أنّ هذه المضاربة بدأت في التراجع خلال الشهرين الأخيرين كما يُظهره الرسم البياني الأخير، وهو ما انعكس على متوسط سعر متر قطع الأراضي بتراجعه خلال فترة الأحد عشر شهراً الماضية، مقارنةً بمثيلتها من العام الماضي بنحو 23.2 في المائة، ليستقر عند 510 ريالات للمتر المربع، مقارنةً بنحو 664 ريالاً للمتر المربع من العام الماضي. #6# يمكن القول في هذا التوقيت من عمر السوق العقارية، إنّ مؤشرات تصدّع الأسعار بعد أن بلغت ذروتها المتضخمة، سيتأكّد لنا عودتها للتراجع وعدم قدرتها على تحقيق مزيدٍ من الارتفاع، بتراجع أعداد العقارات المبيعة! وكما يُلاحظ من كل ما تقدّم أنّ أعلى ذروة سعرية جاءت في جانب الفلل السكنية، سرعان ما تلاها تراجع أعداد مبيعاتها، وهذا السلوك هو الذي ستشهده السوق العقارية عموماً، أو بدأت تشهده منذ مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وحالما تظهره مؤشرات السوق خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة القادمة، يمكن للأفراد أن يلمسوا التراجعات في مستويات الأسعار، وهو أمر سيكون من الصعب إثباته للقارئ الكريم من مجرّد رصد التغيرات الأسبوعية هنا، فيما سيصبح مشاهداً بالنسبة إليه على أرض الواقع، ولعل هذا ما بدأ يتضح له فعلياً بالنسبة لأسعار الفلل السكنية، التي سجّلت تراجعاتٍ متفاوتة على مختلف مناطق المملكة، تراوحت بين 5.0 إلى 15.0 في المائة. فائض عروض الوحدات السكنية #7# تظهر البيانات ارتفاع فائض عروض الوحدات السكنية بنحو 635 ألف وحدة سكنية، وهو ما يعكسه على أرض الواقع تزاحم إعلانات ولوحات البيع في شوارع المدن، وعبر صفحات الإعلانات التجارية، عدا الإعلانات الأخرى عن بيع المخططات والأراضي، وهو ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من قبل الأفراد الباحثين عن مساكن للتملك، لتصحيح الفكرة الخاطئة عن نقص العرض من الوحدات السكنية، تلك الفكرة المغلوطة التي يروّج لها سماسرة العقار بهدف دفع الأسعار للارتفاع. #8# علماً أنّ فائض العرض من الوحدات السكنية، يعتبر من أهم المؤشرات المؤكّدة على تراجع عمليات الشراء طوال الفترة السابقة، بمعنى أنّ عمليات الإنشاء والتعمير بهدف البيع، لم يتزامن معها شراءً بنفس السرعة، وهو ما يثبته تراجع أعداد العقارات المبيعة خلال الفترة الأخيرة، والسبب الرئيس وراء اتساع تلك الفجوة بين زيادة العرض وتراجع الطلب يتركّز في ارتفاع الأسعار بصورةٍ تفوق قدرة الأفراد، ولعل مراهنة الأطراف (المطورين العقاريين) المشيدين لتلك الوحدات على أنظمة التمويل، اصطدمت بالشروط الصارمة لمنح التمويل اللازم، خاصةً شرط مقدّم الشراء البالغ 30 في المائة من تكلفة الشراء، وعدم قدرة أغلب الأفراد على توفيره في الوقت الراهن، وتحت مستوى الأسعار المتضخمة الآن! وعليه؛ سيؤدي تراجع الشراء مقابل زيادة العرض، إضافةً إلى اتساع تأثير العوامل المشار إليها أعلاه، أقول ستؤدي مجتمعةً إلى الضغط على مستويات الأسعار المتضخمة، لتشهد السوق العقارية مساراتٍ من التحوّل الواسعة الانتشار، قد تستغرق فترة من الزمن تمتد إلى عامين قادمين، تشهد خلالهما ما سبق الإشارة إليه في التقرير الأسبوعي الأخير، من تراجع مستويات الأسعار بنسبٍ تصل إلى 75 في المائة، خاصةً في المواقع التي شهدت طفرةً سعرية خلال الثمانية الأعوام الأخيرة فاقت معدلات نموّها سقف 850 في المائة! #9# #10# كل هذا سيصبّ في مصلحة الاقتصاد الوطني، ولا يُخشى عليه أبداً من تراجع الأسعار بتلك النسب، التي يزعم البعض إمّا أنّها ستلحق أضراراً فادحة بالاقتصاد، أو أنّها ستتسبب في ارتفاع الإيجارات، أو أنّها مستحيلة، وبغض النظر عما تحمله من تناقضاتٍ في طروحاتها المعلومة المآرب، إلا أنّ ما يجب التأكيد عليه أنّ أيّ انفجارٍ لأي فقاعةٍ سعرية، ظلّت تتضخم طوال عدة سنواتٍ مضت بدافعٍ من المضاربات وتدوير الأموال دون أية فائدة على الاقتصاد الوطني، بل على العكس تسببت في إلحاق أشد الأضرار التضخمية به، وتسببت في اجتذاب السيولة المتوافرة إليها، عوضاً عن توظيفها في النشاط الإنتاجي للاقتصاد، وحرمت المجتمع من إسهامها في إيجاد فرص العمل الكريمة، كل تلك الآثار السلبية من المؤمل أن تتحول إلى نتائج إيجابية لانفجار تلك الفقاعة السعرية المضاربية في السوق العقارية، وهو ما يحاول إخفاؤه تماماً في جانب الشريحة الضيقة المستفيدة حصراً من فوضى تلك الفقاعة.
إنشرها