قال لـ "الاقتصادية" الدكتور طلال علي مختار، المستشار في المركز الوطني للزلازل والبراكين في هيئة المساحة الجيولوجية، إن 178 هزة أرضية وقعت خلال عام واحد، في منطقة سواكن جنوب غرب جدة. وأكد الدكتور مختار أن محطات الرصد الزلزالي التابعة للشبكة الوطنية سجلت خلال عام 1435 هـ، 178 هزة أرضية في منطقة سواكن راوحت قوتها بين 1.04 و 3.66 درجة على مقياس ريختر في منتصف البحر الأحمر، وهذه الزلازل تكوّنية مرتبطة بعملية الانفتاح الحادث في البحر الأحمر، وعادة ما يحدث مثل هذا النوع من الزلازل على امتداد محور البحر الأحمر، وتعتبر صغيرة القوة ولا تؤثر في المباني والمنشآت المقامة على ساحل البحر نظرا لصغر قوتها وبعدها عن تلك المنشآت، ولا يشعر بها الأهالي ولا تمثل خطورة عليهم، مبينا أن محطات الرصد الزلزالي تسجل بشكل مستمر مثل هذا النوع من الهزات الأرضية وهي ليست بالجديدة.
وتقوم هيئة المساحة الجيولوجية حاليا بالإشراف على واحدة من أحدث شبكات الرصد الزلزالي في العالم أجمع، وتتميز هذه الشبكة التي بدأ تشغيلها في عام 2006، بأجهزة الرصد ذات التقنية العالية وشبكة إرسال البيانات عبر الأقمار الصناعية على مدار الساعة، إلى جانب برامج التشغيل والتحليل المتطورة.
وأضاف الدكتور مختار: "إن محطات الرصد منتشرة في معظم مناطق المملكة وخاصة منطقة الدرع العربي، لقربها من النشاط الحاصل في وسط البحر الأحمر ولوجود الحرات البركانية فيها. وبالرجوع إلى تسجيلات الشبكة، فإن معظم الزلازل الكبيرة التي يتم رصدها إما أن تكون زلازل إقليمية تحدث في المناطق المجاورة مثل إيران و تركيا وخليج عدن والبحر الأحمر أو تكون مراكزها في مناطق أحزمة الزلازل العالمية".
وتابع: "لم تسجل أي زلازل داخل مناطق الدرع العربي كالحجاز وتبوك وجيزان بمقدار أعلى من أربع درجات إلا في حالات نادرة، منها مثلا ما حدث في منطقة العيص خلال العاصفة الزلزالية التي ضربت حرة الشاقة خلال مايو 2009، وكذلك زلزال تبوك في عام 2004 وزلزال بيش في 2014، هذا إلى جانب رصد عدد من الزلازل المحلية الدقيقة micro-earthquakes (مقدارها أقل من ثلاث درجات ريختر)، وهي عادة تكون غير محسوسة وتتركز في مناطق الحرات البركانية النشطة، مثل حرة عويرض والشاقة أو في وسط البحر الأحمر، إلى جانب رصد التفجيرات الصناعية المصاحبة لبعض المشاريع مثل إنشاء الطرق وغيرها".
وأردف المستشار في المركز الوطني للزلازل والبراكين في هيئة المساحة الجيولوجية: "يدل حدوث الهزات الأرضية على تحرك المواد المنصهرة في القنوات والغرف البركانية الموجودة تحت هذه الحرات، ولا يخفى علينا أن مدنا في غرب الجزيرة العربية كانت قد شهدت حدوث آخر ثوران بركاني رئيس بالقرب منها سنة 654 هـ، الموافق 1256م، والذي أعقبه طفح بركاني محدود سنة 692 هـ، الموافق 1293م، ويمكننا القول إنه ربما تحدث بعض الزلازل البركانية الضعيفة أو المتوسطة في مناطق غرب السعودية، وفي الغالب يكون تأثير هذه الزلازل محدود جدا، وبالتالي يعتبر النشاط الزلزالي الحديث في منطقة الدرع العربي في غرب وجنوب غرب السعودية منخفضا جدا ولا يشكل خطورة كبيرة".
وتوضح سجلات هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية أن البحر الأحمر وما جاوره قد تعرض لحدوث زلزالين اثنين فقط بمقادير أعلى من 6.5 منذ بدئ بالتسجيل الآلي الحديث على مستوى العالم بواسطة شبكة الرصد الزلزالي التي أنشأتها الولايات المتحدة في العالم سنة 1973 ميلادي. ويقع مركز أحدهما في البحر الأحمر مقابل مدينة مصوع في إريتريا، ووقع في 28 ديسمبر سنة 1977، وكان مقداره 6.6 على مقياس ريختر، وأما الآخر فقد ضرب منطقة خليج العقبة في 22 نوفمبر سنة 1995 وكان مقداره 7.2 درجة.
و أكمل الدكتور طلال مختار: يتضح مما سبق أن ما يتم ترديده بين الحين والآخر من قرب حدوث زلزال كبير في جدة هو مجرد شائعة لا أساس لها، وينبغي للمختصين توضيح حقيقة الوضع الزلزالي في وطننا والبعد عن التضخيم الإعلامي الذي قد تنتج عنه شائعة الخوف من تأثير الزلازل مثل ما حدث عندما وقعت الهزة الأرضية في يوم الأحد 26 أكتوبر مقدارها 3.1 درجة في البحر الأحمر جنوب غرب جدة وما تلا ذلك من استفسارات عديدة وشائعات مختلفة تنم عن حالة من الذعر والخوف لدى العديد من الناس، ولا يمكن أبدا أن نجزم بعدم إمكانية حدوث زلازل لدينا، ولكنها زلازل مرتبطة بالمظاهر الجيولوجية الموجودة في المناطق الغربية كالحرات وبعض الصدوع النشطة في منطقة جازان وبالقرب من خليج العقبة، وحتى في تلك المناطق فإن النشاط الزلزالي لا يمكن أن يزيد على كونه متوسطا، وذلك بسبب عدم تواجد الظروف الجيولوجية التي تؤدي إلى حدوث الكوارث الزلزالية مثل تلك التي حدثت في اليابان وفي إندونيسيا أو حتى في مناطق أخرى من العالم مثل إيران و تركيا.
وكانت محطات الشبكة الوطنية للرصد الزلزالي رصدت هزتين أرضيتين قبل أسبوعين، كان مركزهما في وسط البحر الأحمر في جنوب غرب جدة.

