Author

مجموعة (B20) وتنمية قطاع الأعمال

|
نظم مجلس الغرف التجارية الصناعية بالرياض بتاريخ 20 تشرين الأول (أكتوبر) من العام الجاري، ورشة عمل بعنوان: “توصيات مجموعة الأعمال لدول مجموعة العشرين” بالتعاون مع الرئاسة الأسترالية للمجموعة بمشاركة واسعة من المختصين والخبراء ورجال الأعمال السعوديين. أوضحت ورشة العمل الدور الريادي الذي تقوم به مجموعة دول العشرين G20 في سبيل المحافظة على مستويات نمو اقتصادية عالمية تحقق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي لشعوب العالم كافة، بما في ذلك شعوب دول الاقتصادات النامية والاقتصادات الفقيرة. من بين أبرز المحفزات للنمو الاقتصادي العالمي، التي شددت عليها اجتماعات مجموعة دول العشرين التي عقدت في أستراليا التي تترأس اجتماعات المجموعة للعام الحالي، استهداف تحقيق مستوى نمو ناتج محلي إجمالي للمجموعة GDPCollective يزيد عن 2 في المائة بحلول عام 2018، واستحداث وظائف جديدة في الاقتصاد العالمي بنحو 50 مليون وظيفة، ما يتطلب التزام حكومات الدول الأعضاء بالمجموعة بالتوصيات التي صدرت عنها، التي صدرت عن مجلس الاستقرار العالمي Financial Stability Board، منذ أن بدأت تعقد اجتماعاتها على مستوى قادة الدول ووزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية بعد الأزمة المالية العالمية، التي حلت بالعالم في خريف عام 2008، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، المحافظة على استقرار النظامين الاقتصادي والمالي، وتحقيق مستويات نمو تعمل على توفير الوظائف، ولاسيما أن العالم وعلى الرغم من صدور تلك التوصيات، لا يزال يعاني من بطء في النمو الاقتصادي، إذ تشير التحاليل والدراسات التي أجراها صندوق النقد الدولي IMF التي أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD أن الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة سينمو بنحو 1.8 في المائة بحلول عام 2018. جدير بالذكر أن مجموعة دول العشرين تأسست في عام 1999 كمنتدى اقتصادي كبير يجمع بين اقتصادات دول صناعية كبرى وأخرى ناشئة ونامية لمناقشة القضايا الأساسية المتعلقة باستقرار الاقتصاد العالمي. وتسيطر الدول الـ 19 الأعضاء بالمجموعة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي على نحو 90 في المائة من الإجمالي العالمي للإنتاج القومي، و80 في المائة من نسبة التجارة العالمية، بما في ذلك التجارة الداخلية للاتحاد الأوروبي. وينبثق عن مجموعة دول العشرين عدد من مجموعات أو فرق العمل، من بينها مجموعة الأعمال Business 20 التي يرمز إليها بالـ B20، التي شكل لها عدد من المجموعات الفرعية لدراسة الآليات التي تمكن مجموعة العشرين من تحقيق أهدافها المنشودة، وبالذات فيما يتعلق بتحقيق النمو الاقتصادي المستهدف وتوفير الوظائف. ومن بين تلك الفرق التي تشكلت، فرق تختص بالنمو المالي Financial Growth، وتنمية رأس المال البشري Human Capital Taskforce، والبنية التحتية والاستثمارInfrastructure & Investment، والتجارة Trade، ومكافحة الفساد Anti-Corruption. وقد حددت تلك الفرق أهمية التغلب على جميع المعوقات التي تقف عائقا أمام انسياب تدفق التجارة العالمية بما في ذلك الاستثمارات وسهولة انتقال رأس المال البشري بين دول العالم. ومن بين المعوقات على سبيل المثال التي تحد من انسياب التجارة العالمية، ما يفرضه عدد من الدول من إجراءات حمائية جمركية مبالغ فيها بعض الشيء، من خلال فرض رسوم غير عادلة على السلع والخدمات المصدرة إليها من دول أخرى، بحيث تجعلها خارج المنافسة مع السلع المماثلة التي تنتج بالبلد المستورد، هذا بالإضافة إلى تغيير أسعار الصرف أو التحكم فيها بالشكل الذي يجعل السلع المصدرة أقل كلفة من نظيرتها بالبلد المستورد، مما قد يتسبب في حدوث حالة من الإغراق Dumping، وبالذات لو تم توفير ميزات تفضيلية ودعم يزيد عن الدعم المسموح به وفقا لقوانين منظمة التجارة العالمية WTO. ومن بين المعوقات التي تواجه التجارة العالمية بما في ذلك التعاملات الأخرى، التي حددتها مجموعة الأعمال، انتشار ظاهرة الفساد العالمي، الذي يقدر بنحو ثلاثة تريليونات دولار سنويا أو ما يعادل 5 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي، مما يتسبب في رفع قيمة ممارسة الأعمال والسلع والخدمات العملية الإنتاجية برمتها، ولاسيما أن الفساد يعيق الجهود الرامية لتنمية الاستثمار والتجارة، بسبب عدم العدالة والتكافؤ في مزاولة الأعمال وارتفاع التكاليف. من هذا المنطلق وبهدف تمكين الاقتصاد العالمي من تحقيق مستويات النمو المستهدفة واستحداث المزيد من الوظائف، شدد المشاركون بالورشة والمتحدثون، على ضرورة التعامل مع قضايا الفساد العالمي ومكافحته بالوسائل والسبل كافة، إضافة إلى أهمية التركيز على تنمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، باعتباره يمثل القاعدة الأوسع والأعرض لأعداد المؤسسات والشركات على مستوى العالم، ومسؤول عن التوظيف والحركة التجارية في معظم دول العالم، مما يتطلب وضع التشريعات الصارمة التي تكفل تحقيق مستويات عادلة في التجارة العالمية، بحيث لا يكون نمو اقتصادات الدول الصناعية الكبرى على حساب اقتصادات الدول النامية أو الناشئة وحتى الفقيرة. كما شددت التوصيات على أهمية المحافظة على الاستقرار الاقتصادي العالمي، الذي يتطلب التعاون الحثيث فيما بين القطاعين العام والخاص وبناء شراكات تحت مظلة ما يعرف بـ Public & Private Partnerships. أخيرا وليس آخرا وعلى مستوى تحقيق الاستقرار المالي العالمي شددت توصية بضرورة التغلب على المخاطر بأنواعها (المخاطر السياسية، مخاطر تقلبات العملة) وتحييدها بالذات في عمليات التجارة الدولية أو الاستثمار الخارجي. خلاصة القول، إن ورشة “توصيات مجموعة الأعمال لدول مجموعة العشرين” التي نظمها مجلس الغرف التجارية السعودي، خلصت بتوصيات مهمة للغاية تستحق أن تعطى الاهتمام الكافي من مجموعة دول العشرين في اجتماعاتها القادمة في تركيا التي ستتسلم رئاسة المجموعة للعام القادم، حيث إن تطبيقها سيسهم في تحقيق المجموعة للأهداف الاقتصادية المنشودة، التي من بينها نمو الاقتصاد العالمي بنسبة تزيد على 2 في المائة بحلول عام 2018 واستحداث نحو 50 مليون وظيفة جديدة.
إنشرها