Author

عاجز وضعيف أنت

|
في مجتمع هوايته لبس الأقنعة، من العسير أن تقبض على فهم محدد لذاتك التي بين جنبيك..! فكل شيء حولك يدعوك لتكون غير حقيقتك. أول العجز فيك يا ابن آدم..! إنك ما زلت مسلما لمّا يدخل الإيمان قلبك بعد، إنسان خذله ضعفه وعجزه عن بلوغ القرب من ربه بحقيقة باطنه، وبيقين قلبه، ما زلت في الظاهر، وفي خارج الحرم، لم تتم سعيك من بين الساعين، ولم تنته من ممشاه مع الماشين وأن لقولي هذا دلائل يعرفها أهل القرب، ويبصرها في السلوك العارفون. فلولا كنت قد بلغت الباطن في صلتك بربك وإيمانك به، لقل في قلبك الجزع على ما فاتك من الدنيا، ولظهر في عطاياك للفقراء يقينك بالعوض واليمن والبركة. ولكانت صلتك بربك هي تلك الصلة التي تلمس شغاف نفسك الخبيئة، وتشعر ببرد الصلة التي تورثك عشقها والصبابة إليها، وتصاغر كل شيء غيرها لو بلغت لطويت من قلبك الكثير من قلقه، والكثير من خوفه والكثير من طمعه، ولضاق عليك قلبك من أن يكون فيه متسع لحقد وكراهية وحسد على هبات الله على أحد من خلقه. إن سلوكك هو سلوك الأعراب الذين يخالون أنفسهم قد ترقوا وقد عبروا السبل الموصلة إلى باطنهم، وأنهم سقط ما بينهم وبين الله، حجب الغفلة والظلمة من سيئات أعمالهم فقالوا «آمنا» الحقيقة ليست توافق، ولكنها تطابق.. لذا رد الله عنهم الصفات التي لم يستحقوها بعد. وقال لهم «لمّا يدخل الإيمان في قلوبكم..»! لقد أرجعهم إلى حقيقتهم، والصفات التي يستحقونها فحسب، لم يذمْهم، يجب أن تعرف أن من يرجعك إلى حقيقتك لم يظلمك، وأن شعورك بالخجل منها، هو تحديد للحال الذي أنت عليه، وللصفات التي تتصف بها. هذه سنة قديمة فيك يا ابن آدم..! تخجل من ذاتك، حتى أنك تكذب كي لا يراها الآخرون، تعطيهم عنوانا بعيدا لا يوصلهم إليك. لأنك تعرف أن حقيقتك حتى أنت تخجل منها أحيانا. ولهذا السبب يقول الله لك: "اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا". كيف يؤم صلاة إمام يسرق معونة أطفال مشردين عن أوطانهم، قد هدمت بيوتهم، وقتل آباؤهم..؟!!. ثم نجد المال المسروق في أسواق جدة، والأسواق القصية التي يتجاهل الفقراء فيها أختام الجمعيات الخيرية لنيل السعر المنخفض..! لأنه لمّا يدخل الإيمان قلبه بعد، فسرق وكذب على الناس وافترى. كيف يقع الطلاق مائة مرة كل يوم، وهو أبغض الحلال عند الله - عز وجل؟ في بلد أكثر شيء فيه الوعظ الديني، وأن 70 في المائة من المغردين يغردون بالحكمة، والمواعظ الأخلاقية، والقيم الرفيعة جدا..!! لأنهم يقلقلونها على أطراف ألسنتهم ولمّا يؤمنوا بها بعد، ولمّا يدخل الإيمان قلوبهم..!. عاجز أنت وضعيف، في أن تكون كما تقول، وأن ترتفع إلى ما تؤمن، وأن تكون قريبا من الصدق الذي تدعيه، ومن الكرم الذي تنسبه إلى نفسك. ضعيف أنت لو تدانت إليك الفرصة وغاب الرقيب، وتباعدت عنك سبيل العقوبة. لأنك يا ابن آدم ضعيف في أن ترتفع وعاجز في ألا تسقط؛ لذا أصبحنا نعيش إسلام الظاهر ولا نقترب من إيمان الباطن. ضعيف وعاجز أنت في أن ترتفع أكثر مما أنت عليه وأن تتجاوز ما أنت فيه، مسكين أنت يا ابن آدم..!
إنشرها