FINANCIAL TIMES

رسالة للمصارف: حذار من جرجرة العملاء إلى الإنترنت دون رغبتهم

رسالة للمصارف: حذار من جرجرة العملاء إلى الإنترنت دون رغبتهم

عندما قرر بنك كوتس في أواخر العام الماضي التوقف عن إعطاء دفاتر اليوميات المغطاة بالجلد لجميع عملائه، حدثت ضجة بين عملائه البريطانيين التقليديين بلغ من حدتها أن البنك الخاص البالغ من العمر ثلاثة قرون سحب قراره بسرعة. هذا التمرد يظهر مدى سهولة الانجراف وراء المبالغات حول الثورة الرقمية في القطاع المصرفي. يعترف التنفيذيون في كوتس أنه كان "خطأ كبيرا" افتراض أن زبائن البنك الأثرياء يستخدمون الآن الهواتف الذكية بدلاً من دفتر يوميات المكتب التقليدي. لذا، عندما تقدم مجموعة لويدز المصرفية استراتيجيتها الجديدة لمدة ثلاث سنوات الأسبوع المقبل، فإن ذلك يشمل ليس فقط خفض التكاليف وإغلاق بعض الفروع كجزء من تركيز أكبر على التحول الرقمي، ولكن أيضاً مع التزام بالمحافظة على وجود قوي في السوق العامة للناس العاديين. عمليات إغلاق الفروع تعتبر أمراً حساساً بالنسبة لأي مصرف، لأنها عادة تتسبب في ضرر في المناطق النائية ويمكن أن تترك السكان دون مصرف محلي. ولا يزال دافعو الضرائب في المملكة المتحدة يمتلكون ما نسبته 25 في المائة من لويدز، لذلك التعهد بالحفاظ على معظم الفروع يعد نوعاً من الذكاء السياسي. لكن بحسب جمعية المصرفيين البريطانيين، الإقبال على الفروع ينخفض بنسبة تقارب 10 في المائة سنوياً، في حين تضاعف عدد المعاملات، التي نفذت على التطبيقات الجوالة العام الماضي. إضافة إلى ذلك عانت مراكز الاتصال التابعة للبنك العام الماضي انخفاضا في حجم أعمالها تجاوزت نسبته 25 في المائة، لأن الناس كانوا ينجزون المزيد من تعاملاتهم على هواتفهم الذكية. وعلى مدى ثلاث سنوات لم يكن بنك لويدز قادراً على الحد من شبكة فروعه المؤلفة من 2250 فرعاً - باستثناء تعويم بنك TSB مع منافذه البالغة 631 فرعاً - نظراً لتعهد كان قد قطعه على نفسه بعد الاستحواذ على HBOS، ينتهي مفعوله في كانون الأول (ديسمبر). وأغلقت المصارف الأخرى في المملكة المتحدة أكثر من 330 فرعاً هذا العام ونحو 200 فرع في العام الماضي، حسبما أظهرت أرقام صادرة عن "حملة من أجل خدمات مصرفية للمجتمع". لذا قد يشعر لويدز أن لديه بعض الأمور التي عليه أن يلحق بها. مع ذلك تبدو هذه الأرقام ضئيلة عندما توضع مقابل توقعات من قبل شركة أوتونوماس للأبحاث التي تشير إلى أن المصارف الأوروبية ستغلق 65 ألفا من بين 217 ألف فرع خلال الخمس أو العشر سنوات المقبلة. ومن المتوقع أن يتم إغلاق معظم هذه الفروع في بلدان البحر الأبيض المتوسط، مثل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، التي يوجد فيها 50 - 80 فرعاً مصرفيا لكل 100 ألف نسمة. ووضعت أوتونوماس خطة مستقبلية لإغلاق الفروع تفترض أن دولاً أخرى ستحذو حذو بلدان الشمال الأوروبي - السويد والدنمارك وفنلندا ـ التي لا تملك إلا نحو 20 فرعاً لكل 100 ألف نسمة. وفي مواجهة ضعف النمو الاقتصادي وضغوط من الأجهزة المنظمة للاحتفاظ بمزيد من رأس المال، يعتبر خفض التكاليف وسيلة واضحة لتعزيز العوائد. وتبلغ تكاليف خدمة العميل في فرع ما أربعة دولارات للزيارة، بينما لا تتجاوز 48 سنتاً عند آلة صرف النقود – وأربعة سنتات فقط عند استخدام الإنترنت أو القنوات المتنقلة. وتقدر أوتونوماس أن تخفيض عدد الفروع يمكن أن يوفر على المصارف الأوروبية 46 مليار يورو، أو 8 في المائة من إجمالي التكاليف. وبعض هذا يحدث بالفعل. ففي إيطاليا تعهد يونيكريديت بإغلاق 500 من فروعه البالغة 3505 فروع، وسيغلق إنتيسا سان باولو 800 من 4611 فرعاً. لكن عمليات الإغلاق ليست سوى جزء من القصة. تحدث إلى معظم التنفيذيين في الخدمات المصرفية للأفراد، وسيخبرونك بأن شبكة الفروع لا تزال تشكل أصولاً كبيرة، حتى إن لم تعد تماماً تشكل حاجزاً ضخماً أمام الدخول على النحو الذي كانت عليه في الماضي. عملاء المصارف الأكثر قيمة عادة ما يكونون أغنى وأقدم عملائها. وهؤلاء غالباً ما يشعرون براحة أقل مع إنجاز المعاملات المالية على الهاتف الذكي. وحين يغلق المصرف عددا من الفروع يفوق الحد من المواقع العامة، كما يقول المصرفيون، فإنه يجازف بخسارة هؤلاء العملاء المسنين الأثرياء. بدورهم، عملاء الشركات الصغيرة غالباً ما يفضلون رؤية شخص من مصرفهم وجهاً لوجه بدلاً من الاعتماد على مراكز الاتصال أو التطبيق الرقمي. وعادة ما يفضل العملاء الجدد أيضاً فتح حسابات في أحد الفروع، بدلاً من فتحه على شبكة الإنترنت. لذلك تركز الاستراتيجية الجديدة للويدز على تغيير دور الفروع، بدلاً من إغلاقها. وسوف تنتقل الفروع من الاعتماد على الصرافين لإجراء معاملات بسيطة، إلى وجود موظفي بيع الخدمات والمنتجات المعقدة بصورة أقل وأفضل تدريبا. وبالفعل قاد بنك باركليز الطريق في هذا المجال من خلال التخلص من أمين الصندوق المصرفي التقليدي تماماً. وفي مواجهة للتحدي المتزايد من جماعات تقنية تستهدف الخدمات المالية، تعد شبكة فروع المصرف ميزة نادرة تتفوق على الشركات التي من قبيل أبل، التي أطلقت بالأمس خدمة "المحفظة النقالة" في الولايات المتحدة. إن أسوأ سيناريو للمصارف قد يكون إذا بدأ الزبائن بتحويل الودائع إلى أمثال أبل، وجوجل، وباي بال، كما فعل الصينيون مع علي بابا على نطاق هائل. المصارف بحاجة إلى رفع مستواها من خلال الاستثمار في الخدمات الرقمية، لكن كما اتضح من المنعطف الحاد لكوتس حول دفاتر اليوميات، فهي قد تفقد حسن النية القليل الذي تركته مع العملاء إن هي جرجرتهم نحو الإنترنت ضد إرادتهم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES