Author

من هو الهلال؟

|
.. بحسابات الأرض والجمهور، تبدو النسبة على الورق في ذهاب نهائي دوري الأبطال الآسيوي 60 في المائة مقابل 40 لصالح وسترن سيدني الأسترالي أمام الهلال السعودي. بحسابات التاريخ لا يبدو الوليد الأسترالي ذو الأعوام الثلاثة ندا للأزرق السعودي الممتد كالتاريخ في القارة الصفراء، أما على الأرض والواقع فكل ذلك لا وجود له. فمن ينتصر إذا في الجولة الأولى؟ المضيف، فريق يمتاز بأنه يقدم نفسه جسدا واحدا تمتزج فيه الفرديات في قالب جماعي، لا يُمكّنكَ من حفظ اسم لاعب واحد ضمن صفوفه، ولا تشعر بغياب أحد أو استبداله، ناهيك عن قوة بدنية عالية وانضباطية تكتيكية دقيقة طوال 90 دقيقة، بخلاف معظم الفرق الآسيوية الخليجية بالذات. لدي قناعة تامة بأن المباريات المفصلية، تحسم دائما بالتركيز الذهني العالي، وأن أي غفلة يكون ثمنها باهظا. التركيز الذهني يولد الروح، التي ترتقي أي هنّة فنية قد تحدث أثناء الدقائق المجنونة، ولذلك فإن سلاح الهلال الأول في مواجهة القوة البدنية الأسترالية هو تضييق المساحات وعدم انتظار الفعل لاختيار رده بل المبادرة به. يعي الهلاليون في أستراليا قبل غيرهم حجم الضغوطات الهائلة، التي تواجههم، ولا أعتقد أنهم ينتظرون من أحد مساعدتهم على تحملها، ما لم يفعلوا هم، فصاحب الحاجة أولى بحملها، ولا يعدمون القدرة، ففي أوساطهم من الخبرة والمهارة والقدرات ما يوازيها، ولذلك فإن الضغوطات لا تواجه بأفضل من الثقة بالنفس، والإيمان بالقدرات، ومواجهة الخصم بندية الفرسان وصلابة الرجال. أفضل الحماسة في كرة القدم هي تلك المرتكزة على قاعدة "الثبات الانفعالي"، النفسية، وهي قدرة مكتسبة تتولد عن الخبرات الحياتية المختلفة، وتعني "القدرة على ضبط العقل، تحت أحلك الظروف، وبما يسمح باتخاذ القرارات الصحيحة في الأوقات المناسبة"، ويمكن الوصول إلى نقطة الثبات الانفعالي عبر تدريب النفس على الصبر، واستيعاب المواقف الطارئة وإدارتها دون التحول إلى جزء من مخرجاتها فقط. .. وفي المهمات ذات المسافات الطويلة، من الأفضل تقسيم العمل إلى مراحل، على الهلاليين أن يستوعبوا ذلك جيدا، لديهم أربعة أشواط مترابطة متأثرة ببعضها، نصفها الثاني مبني على النصف الأول، ولذلك لا بد من تحديد الهدف بدقة، بطرح السؤال التالي ما هو أفضل هدف متاح نملك نسبة عالية في الوصول إليه مقارنة بالأهداف الأخرى؟ الإجابة المثالية الخروج بشباك نظيفة في الشوط الأول، الاستبسال في الثاني، حتى إن مست الشباك فلا تستباح، والخروج بفرصة كافية للتعويض في الرد. .. يا هلال، ها قد حانت الفرصة المرتقبة منذ سنوات، فاعرف وقع خطاك قبل رفع قدميك، وتأكد جيدا، أن كرة القدم لعبة معقدة، لا تعرف أنك الهلال ما لم تعرّفها فعلا لا قولا من هو الهلال.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها