Author

العقار التجاري وفوضى المواقف

|
كان مطعم الأكلات الشعبية الشهير الواقع على تقاطع شارعين تجاريين في شرق مدينة الرياض، السبب الرئيس في الاختناق المروري لذلك التقاطع. المطعم يعتمد على الطلبات الخارجية ولم تكن العمارة ذات الدور الواحد تسمح للمطعم (لعدم موجود مساحة) بتخصيص مكان للأكل داخل المطعم للزبائن. فجأة، قرر صاحب العمارة إضافة دور إضافي ليتمكن صاحب المطعم (المستأجر) من تخصيصه بالكامل للطلبات الداخلية. هكذا وبدون إضافة مساحة إضافية لمواقف السيارات توازي تلك الزيادة الكبيرة في مسطح البناء، التي ستزيد بلا شك الإقبال على المطعم. حسب النظام الحالي، صاحب العمارة لم يخالف متطلبات أمانة مدينة الرياض. مساحة المواقف المطلوبة منه موجودة عبر الارتداد الأمامي والجانبي (خُمس عرض الشارع). إذن ما المشكلة؟ المشكلة أن النظام الحالي للأمانة فقير في مسألة تنظيم نسبة المواقف التي يجب توفيرها. فبالنسبة للأمانة، وبالرغم من أنها تشترط (حسب المنشور على موقعهم الإلكتروني) تأمين عدد مواقف معين من المطاعم والمقاهي، إلا أن هذا الإجراء لا يرى تطبيقه في الواقع. كل ما على المطور العقاري أن يرتد خمس عرض الشارع ويستطيع المطور تأجير المعارض على أي نشاط يريد (الحديث هنا يتركز بشكل خاص عن عمارات الميزانين المنتشرة بشكل واسع). من المهم أن يكون هناك تصنيف واضح ودقيق للأنشطة التجارية التي يمكن لأصحاب العمائر (المؤجر) تأجيرها بناء على عدد المواقف الموفرة للنشاط التجاري (المستأجر). ليس من المعقول أن تكون معاملة المطعم كالصيدلية مثلا. الصيدلية قد تكفيها المواقف الموفرة من الارتداد الأمامي، لكن المطعم يجب أن يكون عدد المواقف الخاصة به بناء على عوامل إضافية (عادة يتم احتسابها بناء على مساحة منطقة الطلبات الداخلية). ولو فرض أن الارتداد والمواقف الأمامية كافية لنشاط معين في العمارة فماذا عن باقي النشاطات التجارية في العمارة نفسها؟ هذا التساؤل يفتح الباب على نقطة مهمة وهي أن الأمانة عند ترخيصها للنشاطات التجارية لا تلتفت للاستخدامات المجاورة لذلك النشاط. فلربما كانت النشاطات التجارية المجاورة (في العمارة نفسها) تستحوذ على كل المواقف الموفرة في العمارة. لذلك، تبدو إضافة نشاط تجاري يتطلب هو أيضا مواقف إضافية (لطبيعة النشاط) سلوكا غير مبرر من الأمانة ويزيد من الارتباك المروري. من أهم مميزات هذا الإجراء أن ذلك سيساعد في إنضاج القطاع العقاري التجاري، حيث إنه بدلا مما يحدث حاليا من وجود عشرات الأنشطة التجارية المتشابهة وعلى مسافات متقاربة من بعضها، بسبب أن الملاك يستطيعون التأجير دون أي قيد أو شرط أو متطلبات، سيكون التأجير مبنيا على مواصفات معينة يجب أن تكون موجودة في العمائر التجارية. هذا سيدفع بالمطور العقاري إلى تطوير المبنى التجاري لاستقطاب استخدامات ونشاطات تجارية معينة لا تستطيع تلك النشاطات الاستئجار في المبنى المجاور له؛ مثلا لأنه لا يوفر مساحة المواقف المطلوبة من قبل الأمانة لهذا النشاط (مقهى أو مطعم). بذلك، ستتم إعادة رسم خريطة العمائر والشوارع التجارية وتعطي مجالا أكبر للمنافسة بين المطورين العقاريين. فتكون هناك عمائر يمكن لصاحبها أن يؤجر المعارض فيها لأي استخدام يريد لأنه وفر فيها عددا من المواقف للمؤجرين (الذين تتطلب استخداماتهم وجود مواقف عديدة كالمقاهي والمطاعم).
إنشرها