Author

دور المرور في تنظيم مشروع «مترو الرياض»

|
مما لا شك فيه أن مدينة الرياض مقبلة على طفرة عمرانية ضخمة ستجعلها في مصاف المدن المتقدمة، وذلك بما نراه من مشاريع تطويرية في مختلف المجالات، وأهمها مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام الذي يعرف أيضا بـ (مترو الرياض)، وهو المشروع الذي يعد أحد أضخم مشاريع القطارات في العالم والمقرر انتهاؤه في عام 2019م. ولا يخفى على أحد أن مقابل هذه المشاريع الضخمة جهود ومصاريف عظيمة تم رصدها من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين قائد هذه النهضة، ويقع على عاتق المواطن والمقيم الصبر وتحمل بعض المشاق والزحام من أجل مستقبل أفضل لمدينة الرياض وجعلها متطورة وعالمية المقاييس. وبهذا الخصوص وجه الأمير تركي بن عبد الله أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس اللجنة المشرفة على تنفيذ هذا المشروع بضرورة، العمل بروح الفريق الواحد ووضع الحلول والبدائل من أجل مواجهة التحديات. أحد هذه التحديات هو الاختناقات المرورية المتوقعة مع بدء هذا المشروع، خاصة وقت الذروة. والجهة المتوقعة لمجابهة هذه المشكلة هي مرور مدينة الرياض باعتبارها المعنية بتنظيم حركة سير المركبات وإيجاد الحلول لفك الاختناقات. حيث تمت ملاحظة ضعف الجانب الميداني لإدارة المرور في تسيير هذه الاختناقات والمساعدة على منع الزحام الذي يحصل في الطرق خاصة المعدلة بالتحويلات الضيقة، لذا قمت بالبحث في الإنترنت عن الخطط التي سوف تقوم بها إدارة مرور الرياض باعتبارها جهة مهمة لإنجاح هذا المشروع الوطني الضخم، فلم أجد في موقعها أي إشارة للمشروع حتى قبل أن أجد أي خطة بشأن مواجهة هذه التحديات، وكأن هذا المشروع سيقام خارج المملكة، ولم يُذكر في أخبار الموقع أي شيء متعلق بالمشروع، وفي المقابل وجدت أخبارا توضح استعدادات مرور الرياض لليوم الوطني وكذلك بداية الدراسة .. إلخ. وبالبحث في الإنترنت عن أي تعليق لمسؤولي مرور الرياض بخصوص مترو الرياض، وجدت خبرا في إحدى الصحف الإلكترونية يذكر أن مرور الرياض يعتذر عن إدارة مسار القطار بسبب الحاجة إلى دعم إضافي، حيث إن الخبر لا يقبل التصديق، فقمت بزيادة البحث عن هذا الخبر ووجدت تعليقا من مدير إدارة مرور الرياض بالنفي وعدم صحة الخبر وأنهم شاركوا بعدد (29) دورية مرور في وقت الذروة، وهنا يبرز السؤال، هل هذا العدد كاف لمدينة بحجم الرياض دون المشاريع الحالية؟ وأي شخص يتنقل في مدينة الرياض يعرف أن ضِعف هذا العدد أيضا لا يكفي، وأن إدارة المرور لم تستعد الاستعداد الكافي لمثل هذا المشروع الضخم. بل أصبح من الطبيعي أن يتأخر الشخص ساعتين بسبب حادث بسيط في أحد هذه المسارات الضيقة، ولم تقم إدارة مرور الرياض بأي مواكبة للحدث من خلال التوعية المرورية أو وضع وسائل وحلول لفك الاختناقات بسرعة. وقد قمت أكثر من مرة بالاتصال على هاتف المرور من أجل الإبلاغ عن ازدحام عالق فيه منذ ساعتين وأن المتوقع وجود حادث، حيث بالإمكان معرفة ذلك من خلال برنامج خرائط (جوجل) التي تظهر نقاط الازدحام ومستواها بالألوان، وبعد نقل الواقعة أجد إجابة الإخوة في إدارة المرور أن هذا أول بلاغ يصلنا بهذا الخصوص وسوف نتصرف. فأصبحت أسأل نفسي هل من المعقول أن إدارة المرور لا تستخدم التقنية في معرفة الاختناقات ومكانها، وأنها تنتظر من الناس تقديم البلاغات. وهذا ما يعطينا اعتقادا أنه لا يوجد استعداد حقيقي، فإذا أخذنا شهادة العين وما نراه وجدنا أن سيارات المرور متواجدة في التقاطعات الرئيسة دون تحرك، أو في بعض المنافذ من أجل البحث عن مخالفات المركبات وصرف القسائم. وبهذه الظروف الحالية لا يمكن الاتكال على شركات مثل (نجم) من أجل سرعة رفع تقرير الحادث، فالظروف الآن مختلفة، فالحادث البسيط يمكن أن يعطل الحركة المرورية لمنطقة بالكامل لمدة ساعتين وقد تجد أن الأضرار لا تتعدى خدشا بسيطا لكن السائق المسكين لا يمكنه التنازل مخافة غضب الكفيل. وحتى لا يبقى مقالنا هذا مجرد تنظير ونقل للمشاكل المعروفة مسبقا لكل من يقود سيارة في مدينة الرياض، فإن بالإمكان عمل التالي، وهي مقترحات متيقن بأن المسؤولين قد فكروا فيها: 1 - يجب على إدارة مرور الرياض وضع خطة معلنة توضح واجباتها خلال الفترة القادمة التي قد تمتد لمدة خمس سنوات، وتكثيف أعداد أفراد المرور خاصة في مناطق المسارات الحديثة، والبدء في دراسة المناطق ذات الازدحام لرفع مقترح تعديل طريقة المسار أو توسيعه أو إيجاد طرق بديلة. 2 - إشعار الناس أنه في حالة الحوادث البسيطة، بالإمكان قيام الأطراف بتبادل المعلومات التأمينية ووسائل الاتصال، وقيام كل طرف بتصوير الحادث، ورفع التقرير في وقت لاحق من قبل الشركة المختصة، وهذا مطبق عالميا. 3 - إيقاف تجوال سيارات الأجرة التي تجوب الشوارع وتضيق على الناس وتستهلك الوقود المدعوم من الدولة، حيث يكون تحركها بناء على الطلب، ويتم توفير نقاط تجمع لها في كل منطقة أو حي. 4 - وضع نافذة إلكترونية للناس من خلال موقع إلكتروني أو تطبيق هاتف ذكي، من أجل الإبلاغ عن مواقع تكثر فيها الحوادث أو الاختناقات، وفتح مجال الاقتراحات وطرح الحلول. وختاما، فإن لدي اليقين أن هذه الملاحظات وغيرها هي محل اهتمام أمير منطقة الرياض وهو الحريص على إنجاح هذا المشروع وتذليل كل الصعوبات التي قد تواجهه أو تواجه المواطنين، ولدي الثقة أن المسؤولين في مرور الرياض سيبذلون الجهد الكافي لمواكبة هذا المشروع الضخم والمساعدة في إنجاحه، فالمشروع مدته خمس سنوات، ولم يمض حتى الآن إلا شهر واحد وقد ذقنا عناء الاختناقات المرورية اليومية.
إنشرها