ثقافة وفنون

عازف الناي «العلي»: من يستمع للموسيقى خلسة يساير «المتشدد» نفاقا

عازف الناي «العلي»: من يستمع للموسيقى خلسة يساير «المتشدد» نفاقا

عازف الناي «العلي»: من يستمع للموسيقى خلسة يساير «المتشدد» نفاقا

عصامي في عزفه، تتناغم أنفاسه مع لمسات يده فتأخذك أشجانه نحو ضفتي الفرات على وقع أحاسيس شط النيل. وعلى الرغم من الأقاويل المتشددة نحو الموسيقى إلا أنه وطيلة 40 عاما ظل صامدا مطلقا معزوفاته للهوى والشجن، ولكل من يتخذ الموسيقى دواء لروحه. كيف بدأ طاهر العلي مشواره مع الناي؟ كنت أتذوق صوت الناي منذ طفولتي حيث كان يشدني في اللحن العراقي الريفي منذ عام 1956م، وما يذاع أيضا قبل وبعد فترة الأذان كما هو متعارف أثناء الفترة الدينية. وكنت أميل إلى سماع العزف المنفرد مصحوبا بتدرج المقامات لكن أكثر ما يشدني هو سماع مقامي الصبا والحجاز، إلا إنه في بداية البث التلفزيوني الملون عام 1974م شدني حب تعلم العزف على آلة الناي في المسلسل المصري المؤثر (ليالي الحصاد) وكان صوت الناي أحد المؤثرات الصوتية لهذا المسلسل الرائع، فكنت أسرح بكل أحاسيسي متأثرا ومنفعلا بكل هموم أصحاب المعاناة من أفراد مجتمعي ممن عشت معهم وعاصرت معاناتهم، بدأت بتعليم نفسي في البداية معتمدا محاكاة ما أسمعه، ولم أتلق أي توجيه من أحد طيلة هذه السنين، وكل ما أقوم به هو مجهود شخصي، لكني لا أنكر أنني استفدت من خلال تصفح المواقع المتخصصة في فن الناي في الآونة الأخيرة عقب انتشار الإنترنت. يكثر الضجيج الرافض للموسيقى ما إن تعلن بعض الجهات تنظيمها أمسيات جماهيرية، ما السبب في رأيك؟ أنا بصراحة لا أعير أي اهتمام لمثل هذه الانتقادات التي ترى أن الموسيقى شيء محرم، لكني أميل إلى من يرى أن الموسيقى الصاخبة ذات الضجيج وذات الطابع الغربي غير الكلاسيكي هي موسيقى مكروهة، وفي اعتقادي أن التزمت والتشدد حيال عدم سماع الموسيقى بشكل قاطع كونه كما يرى ذلك المتشدد- أنه ينضوي ضمن المحرمات وكفى، وحتى ذلك الذي لا يرى بالمنظار نفسه ولديه تحفظ أمام الآخرين مثله كما الأول حتى لو كان مستمعا خلسة وبانفراد، إلا أنه لا بد أن يساير الركب نفاقا، واعتذر عن كلمة نفاق لكني أرجع ذلك التشدد لجهل في مفاهيم الأحكام وشح في الثقافة والاضطلاع على مختلف العلوم والفنون، وأضيف أيضا عقدة الشعور بالذنب لمن لديه هوس ووسوسة في ما حوله من حيث الحلال والحرام، وفي اعتقادي أن فقد حاسة الوجدان فيما يسمع ويرى هو السبب الرئيس حيث يعمل إسقاطا على ذلك بذريعة التحريم والإباحة. هل ذلك الضجيج هو سبب ابتعادك عن هذه الأجواء غالباً؟ ابتعادي أحيانا يعود لظروف ومشاغل خاصة ورغم ذلك لي العديد من المشاركات سواء على مستوى فردي أو كمشاركات جماعية. على جانب آخر نرى أجيالا متعطشة لتعلم الموسيقى بأدواتها المختلفة، فما هو السبيل لردم تلك الهوة؟ رفض البعض للموسيقى في بعض المحافل كان عاملا رئيسا في تهميشها، ومن المهم أن يستفاد منها كمادة مدروسة سواء على المستوى الرسمي أو حتى الخاص، ومالم تنظم دور خاصة لتعليم الموسيقى أو حتى إدراجها كمنهج مدرسي أسوة بالكليات العسكرية، مالم يحدث ذلك فالهوة كبيرة بل ستتسع مالم يكن هنالك منقذ. هل هنالك حاجة إلى نقابة موسيقية أهلية يؤسسها المهتمون بهذا المجال؟ أعتقد أن مفهوم النقابة غير وارد كما في بعض الدول التي لها تشريعات تجيز مثل هذا الطرح، وعليه يمكن القول إن البديل الأنسب هو جمعية خاصة على غرار الجمعيات الموجودة حالياً وتكون مرتبطة بالسلطات الرسمية ضمن نافذة الإعلام. هل تطمح إلى إخراج إصدار يحمل اسم العلي قريباً؟ أنا بصدد الإعداد لذلك فعلا. هل سنراك تتبنى الأخذ بأيدي المتعطشين، خاصة في ظل غياب مراكز متخصصة في منطقتنا؟ أنا لا أبخل بأي نصيحة أو استشارة لمن أراد أن يتعلم فن أي آلة موسيقية، واضعا تجربتي في خدمة المتعلم، وتشجيعي لكثيرين ساهم في رفع مستوى أدائهم. 40 عاماً من الحديث مع الناي، كيف تقيّم تجربتك؟ في الحقيقة وبعد هذه المدة ما زلت أشعر بقصور في الأداء كوني لم ألتق بعازف مميز لأعرف منه الحكم على تعاملي مع آلة الناي. #2# ما أقسى هجوم تعرضت له؟ لا يسلم أحد من الانتقاد، وما أكثره في الظلام، لكني بصراحة شديدة لا أعير أي اهتمام لمثل ذلك، وعلى الرغم من عزفي في أي مكان أراه مناسبا بعيدا عن الاحتكاك بالناس لم أسلم من بعض التصادم وليس الانتقاد لكني أنهي الحوار باعتذاري ومغادرة الموقع، ومن الطرافة أن أحد معارفي الآن، وأنا أحترمه، كان في بداية مشواري من أشد المنتقدين أما اليوم فهو يرى أن لحن الناي فيه روحانية. أين يتنفس العلي ومحبوه موسيقاه؟ وهل "يوتيوب" أحد المنافذ التي فرضها الوضع؟ كنت أخلد إلى المزارع بين النخيل أثناء عزفي، أما اليوم فأجد الطمأنينة والمتنفس عند شاطئ البحر من الخبر حتى الجبيل، وبإلحاح من بعض الأصدقاء وجدت في "يوتيوب" فعلا وسيلة لإيصال ذلك الفن، وليس لدي أي مانع في الحصول على المعارف الفنية من خارج البلد إذا كان ذلك متيسرا. هل الموسيقى متنفس "العلي" الوحيد، أم هنالك ما يشغله؟ لدي هوايات متعدد ومتميزة أبرزها هواية الإلكترونيات (الراديو والتلفزيون، أجهزة اللاسلكي وما حولها) متمكن من التشغيل والصيانة، كما أني حاصل على رخصة رسمية في مجال هواة اللاسلكي، وكذا تشغلني هواية التصوير بأنواعه (فوتوغرافي، سينمائي، توثيقي).
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون