Author

انخفاض أسعار النفط يهدد الإمدادات

|
إن الركود الأخير في أسعار النفط العالمية يلقي بظلال من الشك على استدامة معدلات النمو الحالية في إمدادات النفط من الدول المنتجة من خارج دول منظمة أوبك، في هذا الجانب أشار التقرير الشهري لوكالة الطاقة الدولية الصادر في الأسبوع الماضي إلى أن ما يقرب من 2.6 مليون برميل في اليوم من إمدادات النفط العالمية مهددة بالتوقف في حال انخفضت أسعار خام بحر الشمال برنت إلى ما دون 80 دولارا للبرميل. بالفعل تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من ربع قيمتها منذ حزيران (يونيو) الماضي، وانخفضت في الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات إلى ما دون 85 دولارا للبرميل، هذا الانخفاض الحاد في أسعار النفط ركز الاهتمام من جديد على مستويات أسعار تعادل النفط Breakeven Price لأكثر المشاريع النفطية تكلفة في العالم. ويقصد "بسعر التعادل" سعر النفط الذي عنده يصبح المشروع مجديا من الناحية الاقتصادية ويحقق بعض الربحية. على الرغم من المخاوف بأن انخفاض أسعار النفط سيؤثر سلبا بالدرجة الأولى على طفرة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة، إلا أن التقرير الشهري الأخير لوكالة الطاقة الدولية يشير إلى أن أكبر نسبة من الإنتاج التي في خطر في ظل الأسعار المنخفضة هي من بعض مشاريع النفط التقليدية بسبب ارتفاع التكاليف وتعقيد المشروع والضرائب التي تفرضها الدول المضيفة. في هذا الجانب يشير التقرير إلى أن هناك نحو 1.55 مليون برميل في اليوم من الإنتاج التقليدي في خطر فيما إذا انخفضت أسعار خام برنت إلى ما دون 80 دولارا للبرميل، هذه المشاريع متوزعة في أماكن مختلفة من العالم، مثل الحقول البرية في الصين، وحقول المياه الضحلة والبرية في نيجيريا وإندونيسيا، والحقول البرية في الولايات المتحدة والمياه الضحلة في المملكة المتحدة وبعض حقول روسيا البرية. ويعود السبب إلى عدة عوامل، مثل خصائص المكامن النفطية المعقدة، والضرائب العالية من قبل الدول المضيفة. وهناك أيضا عدد من القضايا فوق الأرض التي تؤثر في الربحية. أما بالنسبة لمشاريع النفط غير التقليدية تشير الوكالة إلى أن تكاليف التطوير والتشغيل العالية لحقول المياه العميقة، والرمال النفطية في كندا والصخر الزيتي في الولايات المتحدة جعلها أكثر حساسية لانخفاض الأسعار. وتقدر الوكالة أنه نحو 8 في المائة من هذه المشاريع أو 1.05 مليون برميل في اليوم تتطلب أسعارا تعادل لنفط برنت بنحو 80 دولارا للبرميل أو أعلى. وأضافت الوكالة أن أكثر من نصف النفط غير التقليدي الذي هو في خطر (أي 0.5 مليون برميل في اليوم) هو من مشاريع النفط في المياه العميقة، حيث إن سعر التعادل لهذه المشاريع يتجاوز 80 دولارا للبرميل. أكثر المشاريع عرضة للمخاطر هي الحقول البحرية في أنجولا، البرازيل، النرويج، والمملكة المتحدة. في هذا الخصوص يشير تقرير الوكالة إلى أن متوسط تكلفة الإنفاق على استكشاف، تطوير وتشغيل مشاريع الحقول البرية التقليدية كان نحو 20 دولارا للبرميل في عام 2013، في حين أن التكاليف المماثلة لحقول المياه العميقة بلغت 56 دولارا للبرميل. وأشار تقرير الوكالة إلى أن نحو ربع مشاريع وحدات التحسين up-grader لإنتاج السوائل النفطية المصنعة synthetic oil من الرمال النفطية الكندية في خطر عند أسعار دون 80 دولارا للبرميل، لكن التقرير لاحظ أن هناك تباينا كبيرا في التكاليف بين المشاريع. وقالت الوكالة أيضا إن نحو 25 في المائة (أي نحو 250 ألف برميل في اليوم) من مشاريع النفط غير التقليدية المعرضة للخطر في العالم هي من نوع مشاريع الرمال الكندية المصنعة، حيث إن صافي القيمة الحالية لهذه المشاريع سيكون بالسالب إذا ما استمرت أسعار النفط فترة طويلة دون 80 دولارا للبرميل. في المقابل لاحظت الوكالة أن أسعار تعادل بعض مشاريع الرمال الكندية الحالية هي قليلا دون 60 دولارا للبرميل، في حين أن أسعار تعادل المشاريع الأربعة الفنزويلية من هذا النوع هي أقل من معظم مشاريع الرمال الكندية. رغم التكهنات الكثيرة التي تشير إلى أن مشاريع الصخر الزيتي في الولايات المتحدة ستكون أكبر ضحية للانكماش الحالي في أسعار النفط، إلا أن الوكالة خلصت إلى أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سيظل يحقق صافي عوائد موجبة عند أسعار دون 80 دولارا للبرميل. حيث إن التقدم التقني أدى إلى تسريع معدلات الحفر، زيادة كثافة الحفر وزيادة إنتاجية الآبار الجديدة، جميع هذه التحسينات كانت مهمة في الحفاظ على معدلات الإنتاج والنمو في مواجهة معدلات التراجع الحادة في الإنتاج. في الوقت الحاضر نحو 4.2 في المائة فقط أو نحو 150 ألف برميل في اليوم من إجمالي إنتاج النفط الصخري والمكثفات في الولايات المتحدة مهدد بسبب مستويات تعادل الأسعار فوق 80 دولارا للبرميل. لكن حذرت وكالة الطاقة الدولية من أنه على الرغم من أن اقتصاديات معظم مشاريع الصخر الزيتي غير مهددة عند أسعار للنفط قرب 80 دولارا للبرميل، إلا أن الحاجة إلى استمرار الحفر للحفاظ على مستويات الإنتاج يضع الإنتاج المستقبلي في خطر. على سبيل المثال، عندما أعيقت عمليات الحفر في تشكيلات الصخر الزيتي في حوض باكن في ولاية داكوتا الشمالية بسبب الظروف الجوية في شتاء عام 2013 - 2014، انخفض إنتاج النفط فيها ومن ثم استغرق عدة أشهر ليرتفع مرة أخرى إلى المستويات السابقة. بطبيعة الحال سوء الأحوال الجوية سيوقف عمليات الحفر بغض النظر عن مستوى الأسعار، في حين أن مستويات الأسعار المتدنية ستؤثر في عمليات الحفر الجديدة بصورة أكثر انتقائية.
إنشرها