أخبار اقتصادية

أسوأ نمو للاقتصاد الصيني في 5 سنوات يثير قلق الأسواق ويطرح تساؤلات حول سوق الطاقة

أسوأ نمو للاقتصاد الصيني في 5 سنوات يثير قلق الأسواق ويطرح تساؤلات حول سوق الطاقة

أثارت أنباء تراجع معدلات نمو الاقتصاد الصيني - ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة - من 7.5 في الربع الثاني من العام الحالي إلى 7.3 في المائة خلال هذا الربع مخاوف الاقتصاديين حول مستقبل سوق الطاقة العالمية، كما انعكست سلبا على البورصات الآسيوية، حيث تراجعت البورصة اليابانية 1.7 في المائة، وسارت بورصة هونج كونج في الاتجاه نفسه - وإن تراجعت بمعدل أقل بلغ 0.3 في المائة - وبالمثل بورصة شنغهاي، كما كان نفس الوضع مصير الأسواق المالية في كوريا الجنوبية. وتشير تقديرات المختصين إلى أن واردات الصين من النفط ستبلغ 500 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020، في الوقت الذي لن يتجاوز فيه الإنفاق الأمريكي السنوي على النفط حدود 160 مليار دولار، حيث إن الجزء الأكبر من الزيادة في استهلاك الصين النفطي يعود إلى تزايد أعداد أصحاب السيارات والتوسع الحكومي في قطاع النقل العام، ويتوقع أن يقفز عدد السيارات المستخدمة في الصين خلال الفترة من 2005 إلى 2020 من 20 مليون سيارة إلى 160 مليون سيارة. وعلق هاري بور المحلل المالي في بورصة لندن لـ "الاقتصادية" قائلا: "تراجع البورصات الآسيوية كان متوقعا في ضوء ارتباط معظم الاقتصادات الآسيوية بدرجة كبيرة بالاقتصاد الصيني، ألا أنها لم تتراجع بشكل حاد لأن نسبة الانخفاض في معدلات نمو الاقتصاد الصيني جاءت أقل من المتوقع، إذ كانت أغلبية التحليلات تشير إلى معدل نمو 7.2 في المائة". ويضيف "لكن أتوقع أن يمتد التأثير سلبا على البورصة الأمريكية بل وعلى الاقتصاد الأمريكي ككل". وإذا كان معدل نمو الاقتصاد الصيني هو الأسوأ منذ خمس سنوات تقريبا، فإن الأمر وفقا للقيادة الصينية لا يزال تحت السيطرة. ويشرح لـ "الاقتصادية" الدكتور مارك أوتروم المتخصص في الاقتصاد الآسيوي وتحديدا الصيني في جامعة استون أسباب تراجع معدلات النمو قائلا: "خلال العقدين والنصف الماضيين تقريبا، ارتبط نجاح التجربة الصينية بمنهج الإنتاج من أجل التصدير، وقد ساعدت معدلات النمو المرتفعة في أمريكا الشمالية والاتحاد الأوروبي على فتح أسواق للمنتجات الصينية، خاصة مع انخفاض تكلفة إنتاجها، إلا أن الأزمة الاقتصادية وتقلص معدلات النمو في أوروبا والقارة الأمريكية، أدى إلى تراجع الطلب على المنتجات الصينية وقلص من الاستثمارات الدولية في الاقتصاد الصيني، ودفع ذلك ببكين إلى البحث عن نماذج تنمية مختلفة". ويستطرد قائلا: "الآن تسعى الصين إلى أن يكون ارتفاع معدلات النمو مرتبط بزيادة الاستهلاك المحلي، فالكثافة السكانية وارتفاع مستويات المعيشة يضمن للمنتجات الصينية أن تجد أسواقا لها داخل الصين". ويعتقد البعض أن عملية التحول تلك ستكون مصحوبة بالألم، أبرزها ارتفاع معدلات البطالة وما قد ينتج عنه من مشاكل اجتماعية وسياسية، كما سيكون على الصين أن تحدث تحولا في هيكلها الاقتصادي لزيادة مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي. ويتخوف بعض الاقتصاديين من أن يؤدي تواصل تراجع النمو الاقتصادي في الصين إلى الإضرار بالاقتصاد العالمي. فالعديد من الاقتصادات الناشئة سواء في آسيا وإفريقيا وحتى بعض البلدان المتقدمة مثل أستراليا اعتمدت تجاربها الاقتصادية الناجحة على تلبية الاحتياجات الصينية سواء عبر سلع أولية أو شبه مصنعة، بل ويتوقع مختصون دوليون أن يصيب الضرر الاقتصاد الأمريكي إذا ما واصل الاقتصاد الصيني تراجعه. وقد صرح مارك زاندي كبير الاقتصاديين في وكالة التصنيف الائتماني موديز أن انخفاض معدل نمو الاقتصاد الصيني 1 في المائة سيؤدي إلى انخفاض مواز في معدل نمو الاقتصاد الأمريكي بنحو 0.2 في المائة، وهو التأثير ذاته الذي سيعانيه الاقتصاد الأمريكي إذا ما ارتفع سعر برميل النفط بنحو 20 دولارا. وربما يكون التأثير المباشر لتراجع معدلات النمو الاقتصادي الصيني على الاقتصاد الأمريكي تتمثل في انخفاض صادرات واشنطن إلى بكين. وعلى الرغم من أن السوق الصينية لا تمثل سوقا ضخمة للمنتجات الأمريكية إلا أن السنوات الماضية شهدت نموا متسارعا في القيمة الإجمالية لصادرات واشنطن لبكين خاصة عند مقارنتها بالأسوق الدولية الأخرى. وقد زادت الصادرات الأمريكية للصين بنحو 542 في المائة لتقفز من 16.2 مليار عام 2000 إلى 103.9 مليار بحلول عام 2011، بينما لم تزد صادرات واشنطن لباقي العالم بأكثر من 80 في المائة خلال الفترة نفسها. وهناك قلق من انعكاسات معدل النمو الصيني على الاقتصاد العالمي امتدت إلى أسواق الطاقة ومستقبلها. فعلى الرغم من ارتفاع سعر خام برنت إلى نحو 86 دولار للبرميل جراء طلب قوي من الصين أكبر مستهلك للطاقة في العالم حيث ارتفع استهلاكها في أيلول (سبتمبر) الماضي مقارنة بآب (أغسطس) الماضي بنحو 6.2 في المائة ليصل إلى 10.3 مليون برميل وهو أعلى مستوى له منذ شباط (فبراير) الماضي، فإن توقعات الخبراء المستقبلية تتضارب بهذا الشأن. ويرصد المختص النفطي الدولي دوجلاس اسبيرز لـ "الاقتصادية" عددا من العوامل تدفعه إلى الاعتقاد بأن التغييرات الصينية ستنعكس سلبا على أسواق النفط وهي :- 1 - زيادة نصيب قطاع الخدمات من الناتج القومي الإجمالي على حساب مساهمات القطاع الصناعي، خاصة الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة، سيؤدي إلى تراجع في معدلات نمو طلب الصين على المصادر التقليدية للطاقة. 2 -الضغوط الأمريكية وإلى حد ما الأوروبية على بكين لخفض الانبعاثات الكربونية المضرة بالبيئة أسفرت في نهاية المطاف عن تعهدات إيجابية من قبل الصين في هذا المجال، وهذا سيعني عمليا خفض استخدامها من الوقود الحفري. 3 - تواصل انخفاض معدلات النمو الصناعي سيؤدي عمليا إلى انخفاض استهلاك القاعدة الصناعية الصينية لكميات متزايدة من النفط والغاز إلا أن وجهة النظر التشاؤمية تلك لا تلق قبولا لدى عدد من الباحثين في مجال الطاقة ومن بينهم جوتزوا فرانك الخبير النفطي في قسم الأبحاث الاقتصادية في شركة شل النفطية العملاقة، إذ يعتقد أن الطلب الصيني على النفط سيشهد تزايدا في المستقبل القريب، بما يعزز من الأسعار المستقبلية. ولـ "الاقتصادية" يعلق قائلا: "التزايد السكاني للصين بمفرده ضمانة لتزايد الطلب المحلي على النفط، فإذا أخذنا في الاعتبار ارتفاع مستويات المعيشة، بما يتضمنه ذلك من استخدام أعداد متزايدة من سكان المناطق الريفية للكهرباء، فإن هذا يؤكد تزايد الطلب الصيني على النفط والغاز".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية