Author

غياب عن نوبل

|
تعتبر جائزة نوبل الوسيلة الأكثر مصداقية للتعرف على المستوى العلمي والتقني والطبي الذي تصل إليه دول العالم. يمكن القول إن البوصلة اتجهت للشرق بقوة خلال العقود الماضية، لكنها تجاوزت منطقتنا في طريقها إلى دول آسيا التي لُقبت بالنمور. صحيح أن هناك من حقق جوائز في مجالي الأدب والسلام في المنطقة، لكن الجوائز التقنية كانت عصية على عالمنا العربي والإسلامي. حتى أولئك الذين تُوجوا بهذه الجائزة من العرب والمسلمين كانوا ممَّن نفّذوا أبحاثهم في دول غربية أو شرقية. نفّذوها هناك بعد أن استقطبتهم معاهد وجامعات وشركات تلك الدول كجزء من إيمانها أن التقدم العلمي الذي تحققه الدولة هو الضامن الأهم لحفظ مكانها والتقدم في مجالات الاقتصاد والصحة والخدمات. جاءت جامعاتنا في مراكز متأخرة، وحاول كثيرون أن يغيروا الواقع الذي يراه كل واحد منا في أي جامعة يدخلها. التصنيفات العالمية التي تنافس عليها جامعاتنا لم تكن أبداً همَّ الكثير من الجامعات المتقدمة، بل إنها كانت تحصد الجوائز وهي تركز نظرها على التميُّز في مجالات أكثر أهمية، أولها إحداث تغيير ملموس في التاريخ في مجالات علمية معينة تركز عليها الأبحاث والدراسات. لكن لماذا لا نجد أسماء عربية أو إسلامية في قائمة المرشحين للجائزة لهذا العام؟ أظن السبب المهم هو بُعد الباحثين عن أصول البحث التي تستجلب النتائج الباهرة، كما أن الاهتمام الذي يجب أن يحصل عليه الباحث في المجالات المتخصّصة المتقدمة، شبه مفقود. بل إننا لم نسمع عن بحوث أساسية تغير خريطة العالم تخرج من مراكز أبحاثنا. يأتي في سياق الاهتمام المفقود شح الجهات المالية في دعم عملية البحث بما تحتاج إليه من أجهزة ومختبرات وتجهيزات. حتى إن المجتمع يسخر ممّن يعيشون للبحث العلمي، ويهملون أمورا أخرى في المجتمع، مثل البرستيج وحضور الحفلات والمتاجرة في الأسهم والعقارات، فتكوّنت لدينا حالة من امتهان البحث العلمي. نتيجتها الأكيدة خسائر في مجالات الاقتصاد والمجتمع والصحة والخدمات. الضوء الوحيد يأتي "كالعادة" من شركة أرامكو السعودية، حيث رشح تشارلز كي كريسجي الرئيس التنفيذي للتقنية في الشركة للحصول على جائزة نوبل في الكيمياء. دليل آخر على أن التقدم والبحث العلمي متلازمان، فهل يعي البقية ذلك؟
إنشرها