Author

صراع آيفون

|
أذكر أننا كنا ننتقد الصفوف الطويلة التي كنا نشاهدها في المقاطع المقبلة من أوروبا وآسيا لمنتظري تسلم إصدارات جديدة من برامج مثل ويندوز أو الهاتف الذكي الأول. كانت الأعداد تزداد كلما كانت هناك تغييرات جذرية يضيفها المنتج لحياة الإنسان، أما أن يكون الازدحام على شراء نسخة لا تختلف كثيرا عما يوجد بين أيدي الناس، فذلك أمر نفسي واجتماعي أكثر منه تقنيا. إن التعلق بالجديد الذي لا يحقق إضافة في الأداء، يدل على أن البحث هو عن التميز في عيون الآخرين أكثر من محاولة الاستفادة من المنتج نفسه. تلك قضية عالجها "هرم ماسلو"، حين اعتبر أن البحث عن التميز هو حالة ينفرد بها من حققوا كل شيء مادي، بل عندهم فائض يتجاوز احتياجاتهم الشخصية. أما أن يكون المتعلقون بالتميز هم من أمثال بطل "طاش ما طاش" الذي كان "يستدين" من أجل شراء لوحة مميزة أو رقم جوال مميز، فذلك يجب أن يقع تحت طائلة الإحساس بالنقص ومحاولة إكمال الذات القاصرة بالتميز المادي الذي يعجب الآخرين، ويعطيهم انطباعا إيجابيا عن الشخص. المشكلة هي أن الشخص نفسه لا يشعر بالتميز داخليا.. وهذا هو الأهم. عندما شاهدت المقاطع التي تصور الازدحام الهائل على المكتبات التي تبيع النسخة الجديدة من الآيفون، وبمقارنة مزايا "آيفون 6" مع سابقيه، وجدتني لا أفهم لماذا يهتم هؤلاء بالحصول على الجهاز وتعريض أنفسهم للخطر والازدحام الذي سيختفي خلال أسبوع. الأهم من ذلك هو الحال السيئ الذي كان يسيطر على المكتبة، فبعد أن شاهدنا الناس يقفون في طوابير منظمة ويقرأ بعضهم الكتب في انتظار الفرج والحصول على المنتج في العالم الغربي، تغير المنظر إلى حال من الفوضى، بل إن بعض الشباب اضطروا للخروج من الازدحام بسبب ضيق التنفس والإيذاء الذي واجهوه داخل تلك الحشود. أدعو كل شاب مغرم بالتقنية وتطوراتها أن يحاول أن يحدث فرقا من خلال الاستفادة من معرفته واهتمامه باستخدام تلك التقنية، خصوصا أننا في عالم لم يعد يعترف بالفروق الجغرافية، فالتطوير يمكن أن يأتي من أي مكان في العالم. ليس المهم أن نحصل على الجهاز، الأهم هو ماذا يضيف إلينا الجهاز؟
إنشرها