Author

مساعدات المملكة.. الاستثمار في الإنسانية

|
في 24 سنة، قدمت المملكة مساعدات خارجية وصلت إلى 67.2 مليار دولار، ثلث هذا المبلغ تقريبا وُجه في السنوات الثلاث الماضية لتسع دول عربية، ورغم أن المساعدات السعودية لأغلبية بلدان العالم ليست جديدة، إلا أن حجم الأموال التي خصصت للمساعدات في هذه الفترة الزمنية، كان كبيرا، واستند في الدرجة الأولى إلى استراتيجية سعودية ثابتة، تقوم على الوقوف دائما إلى جانب البلدان المحتاجة، ولاسيما في زمن الأزمات، وعلى أساس المنفعة المباشرة لشعوب هذه البلدان. والأهم من هذا كله أن سياسة المملكة في المساعدات هي عدم تسييس المساعدات، هكذا بوضوح دون لبس، فالمآرب السياسية مهما كانت ذات أهمية، لا معنى لها عندما تكون الشعوب محتاجة إلى المساعدة، والخلافات السياسية لا مكان لها في هذا السياق، فالذي يمنح الشرعية لأي نظام حكم هو الشعوب، لا الحكومات. ربط حكومات كثيرة مسألة مساعداتها بمآرب سياسية، هي غالبا ما تستهدف الحصول على نفوذ ما، وهذا النوع من المساعدات يفضح نفسه بنفسه، لا يتطلب الأمر بحثا بهدف الكشف عن الأهداف، ولذلك شكلت هذه المساعدات ما يمكن تسميته بـ "التجارة السياسية"، وهي تجارة قاتلة خصوصا عندما تكون مرتبطة بشعوب تبحث عن نجدة مالية لأهداف معيشية وتنموية، وبلغ هذا النوع من المساعدات حدا بات يشكل مخاطر إضافية على الشعوب المستهدفة، وبدلا من وصول هذه المساعدات إلى مستحقيها، كانت تصل إلى سارقيها، الذين كانوا ينفذون بــ "إخلاص" سياسة المانح، وفي أفضل الأحوال كانوا يروّجون لهذه السياسة، ليس مهما إذا ما كانت ضد المصلحة الوطنية لهذا البلد أو ذاك. إنها مساعدات مشروطة، ملغومة، تسويقية. الأمر ليس كذلك على الجانب السعودي، الذي وضع استراتيجية المساعدات وفق المتطلبات الوطنية للبلدان التي تحتاج إليها، وخصوصا تلك البلدان التي تعيش أزمات متفاعلة، فإذا أردت إنقاذ أحد حقا، فلا تسأل عن مقابل، بل تحرص على نجاته، حتى البلدان التي لم تكن المملكة تتفق مع سياسات حكوماتها، كانت تتلقى المساعدات المستحقة، على مبدأ، لا يمكن معاقبة شعب على أفعال حكومته أو نظامه، بل على العكس تماما، قد يكون هذا الشعب في حالات كثيرة ضحية هذه الحكومات والأنظمة. أوفت المملكة على مر العقود بالتزاماتها بهذا الخصوص، وأضافت إلى نفسها التزامات أخرى من باب طوارئ تفرض استحقاقاتها، بصرف النظر عن السبب والمتسبب، وتؤكد المؤسسات الدولية غير الحكومية، أن السعودية على رأس البلدان التي تفي بالتزاماتها حيال المساعدات. 252 مليار ريال قدمت للبلدان المحتاجة في 24 عاما. وصلت نسب منها إلى أقصى مناطق العالم، وبعيدا عن المنطقتين العربية والإسلامية، لم تتردد المملكة في رصد المساعدات لبلدان لا تربطها معها روابط ثقافية أو تاريخية أو حتى سياسية، فالسعودية تقدم هذه المساعدات انطلاقا من معاييرها الإنسانية، والأهم من ذلك، مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، الذي أتى به رسول الإنسانية كلها محمد - صلى الله عليه وسلم - لقد كانت المساعدات السعودية شاملة، مرتفعة في مناطق ومنخفضة في مناطق أخرى، تبعا للاحتياجات، إضافة طبعا إلى المتطلبات الآنية التي تفرض حقائقها، وغالبا ما تكون حقائق صعبة؛ بل أحيانا خطيرة، ورغم كل المتغيرات على الأرض، فالثابت السعودي يبقى هو.. هو، تقديم المساعدات لمن يستحقها، والمساهمة في الإنقاذ دون شروط ومآرب، والتأكد من أن هذه الأموال تصل بالفعل إلى مستحقيها بأشكال مختلفة، إنه استثمار المملكة في الإنسانية، وهو أهم استثمار عند قيادتها.
إنشرها