Author

مثلوثة المستثمر الأجنبي

|
عندما كتبت عن عوامل الإحباط في القطاع الخاص، وخصوصاً في مجال الرواتب، قرأت تعليقا لأحد القراء يتحدث عن الدعم الذي تقدمه هيئة الاستثمار للمستثمر الأجنبي. الواقع أن كل رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات يحسدون المستثمر الأجنبي على ما حباه الله من خدمات تقدمها هذه الهيئة؛ ما جعله يحقق الأرباح الطائلة دون وجود أي قيود تحمي الاقتصاد الوطني من تسرب الأموال. ينطبق على الاستثمار الأجنبي المثل الذي يقول "إذا زاد الأمر على حده، انقلب إلى ضده" فنحن بدلا من أن نستفيد من هذا الاستثمار في إيجاد الوظائف وتحفيز السوق وإيجاد صناعات مغذية أو مستفيدة أو مكملة، صرنا ننفق الأموال على منتجات المستثمر الأجنبي، الذي لا يُلزم باستثمار أي نسبة منها داخل البلاد. بل إننا وقعنا في مأزق دخول المستثمر في مجال الخدمات وهو مجال لا يحتاج إلى كثير من الأموال أو التقنية، بل إن عائده على الاقتصاد منخفض - مقارنة بقطاع الإنتاج - إلا في مجال التوظيف، وهو مجال أعفي المستثمر الأجنبي من تحقيق أي نسب سعودة فيه؛ بل إنه استقدم كل أقاربه لإدارة العملية، وبعد فترة قصيرة تحول الأقارب إلى مستثمرين أجانب واستقدموا المزيد من الأقارب والأهل، لتكتمل دائرة حرمان المواطن من مشاريع استثمارية بحرمان أخيه من فرص العمل. يؤسفني أن أرى أن الاستثمار الأجنبي دخل في مجالات غير منطقية ولا يمكن أن نقبلها. فمطاعم المثلوثة التي ذكرها القارئ، لا يمكن أن يقدم فيها أحد أي قيمة مضافة سوى إضافة المزيد من مرضى الكوليسترول والسكري لتعداد السكان. كما أن المراكز الصحية التي تقدم خدمات عادية يمكن أن يقدمها أي طبيب عام ليست المقصودة بدعم الاستثمار الأجنبي. هنا أثنِّي على مطالبة القارئ الكريم بالتوقف ومراجعة ما يسمح به من المشاريع الاستثمارية، من خلال التأكد من المردود والقيمة التي يضيفها المشروع إلى الاقتصاد، وحماية المستثمر السعودي الذي تضرر خلال الفترة الماضية من قوانين الهيئة. بذلك نحقق الفائدة المرجوة من استقطاب رؤوس الأموال والمستثمرين لدعم احتياجات الاقتصاد الوطني. كما أن هناك حاجة لمراقبة حركة الأموال وضمان بقاء نسبة كبيرة منها داخل الاقتصاد باستخدام الوسائل التي يعتمدها الكثير من دول العالم.
إنشرها