Author

تمسكوا بالوطن

|
تعود بي الذكريات لأيام خوال، أسترجع الماضي بعبقه وجماله وآلامه وآماله، أتذكر الآباء الذين صنعوا مجد الوطن، بنوا صرحه لبنة لبنة، غاروا عليه من الفشل والتخلف والفساد، واصلوا الليل بالنهار عملا وكدا لا يعرف الكلل. أتذكر أولئك الذين أعطوا الوطن ولم يطلبوا منه شيئا. ضحوا بأرواحهم في فلسطين والأردن وسورية والوديعة والخفجي والحد الجنوبي ليحموا حياض الوطن. أتذكر الذين تسابقوا لنيل شرف التواجد في طليعة القوات عندما ناداهم الواجب في كل الحروب. أسترجع أبطال التغيير والتطوير الذين صنعوا هذه المدن العظيمة، وحولوا أزقتها إلى شوارع سريعة ومبانيها الطينية إلى نواطح تتحدى السحاب. أقف أمام الرواد في الوطن بكل احترام لأنهم عملوا تحت ضغط البيئة وقلة الموارد ليبنوا صروحا تشهد لهم في كل مكان. أشاهد رجال الوطن المخلصين الذين درس أسلافهم على ضوء الشموع، ليوقدوا حالة حضارية فريدة. تعود ذكريات الرجال والنساء الذين تركوا لنا إرثا من القيم والأخلاق والتضحية والفداء يجعلنا نفخر بالانتماء لهذا الوطن. تبقى الذكريات وسيلة نتعرف بها على ما نعيشه من خير، وما نتمتع به من أفضال المولى جلت قدرته، لتكون حافزا لنا للتمسك بالوطن والفخر بخدمته والانتماء إليه. فيه الحرمان الشريفان وهو مهبط الوحي، وفيه يعلو الإسلام على كل شيء فلا أمر ولا نهي إلا بما يرضي ربنا ـــ جل وعلا. نتأمل اليوم حال العالم من حولنا، وتظهر في الأفق مخاوف وقلق مما ينتظرنا في المستقبل القريب. الخوف من الفرقة والاختلاف والانصياع للأفكار الهدامة، والإصغاء للأصوات النشاز التي تريد بنا الشر بعلم أو بغير علم. في يومك يا وطني أفخر بالانتماء إليك، وأحمد الله أن جعلني جزءا منك، أحافظ على النعمة التي أعيشها وأتعظ بما يعيشه غيري من الخوف والجوع ونقص الأنفس والأموال والمرض والقتل الذي لا يبرره إنسان مهما حاول أو شاء. في يومك يا وطني أتمنى أن يجلس كل واحد مع نفسه ويراقب كل الدول من حولنا. ثم يخرج ليسير في شوارع الوطن، ويحمد الله على ما هو فيه من الخير والنعم، ويأخذ عهدا على نفسه أن يعمل لضمان وحدة وأمن واستقرار الوطن.
إنشرها