Author

هي ليست .. جنتك

|
كنت أقلب أرقام جهات الاتصال الموجودة بهاتفي، حين لفت نظري صورة العرض لأحدهم وكانت عبارة عن صورة رمزية ليد سيدة وكتب تحتها "صاحبنا" (زوجتي الغالية، أنت جنتي، ورضاك غاية أملي في الدنيا). ولأن الكاتب يتوقف دائما أمام تلك الأشياء المؤثرة التي قد لا تلفت نظر الأشخاص العاديين، فإنني صدقا لم أتوقف فقط، بل اندهشت وأحسست أن دوائر الدهشة تتداخل ببعضها أمام ناظري، ثم تشكل نقطة تعجب كبيرة غطت الكون بأكمله! أعرف ذلك الإنسان جيدا وأعرف جيدا كذلك كم تعبت والدته و"شقيت" في تربيته هو وأشقائه وشقيقاته بعد وفاة والدهم، وكيف دفنت سنوات شبابها وأنوثتها من أجل ألا تحرق قلوبهم بزوج أم قد يتسبب لهم في الشقاء. ماذا لو اطلعت والدته على صورة العرض التي وضعها وقرأت أحرفه، أي إحساس مرير سيعصف بقلبها الحنون؟! ــ مهما بلغ عشق الزوج لزوجته وهيامه بها فعليه ألا يترك العنان لجموح قلبه لينطلق به تعديا نحو حقول أمومة تتلهف لسماع كلمات امتنان ومحبة منه، فيدوس بحوافر قلبه أزهارها ويمزق أغصان الانتظار في صدرها! ــ جنتك الحقيقية هي والدتك، أنفاسها الراضية عنك ودعواتها المترددة بين أرجاء الكون هي التي ستقودك نحو أبواب الجنة ــ بإذن الله تعالى، لن تدخل الجنة إن عبس قلبها عليك. يقول حبيبنا عليه الصلاة والسلام (لا يدخل الجنة عاق)، والعقوق ليس شرطا أن يكون تعديا بالضرب أو حرمانا من العطاء أو هجرا، يقول تعالى في محكم كتابه {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما} .. فأي قول جميل حين تقرأ الأم كلمات فلذة كبدها لزوجته (أنت جنتي)! ــ تغضب زوجتك إن نسيت ذكرى زواجك منها ولم تحضر لها هدية، وتخاصمك إن تأخرت عليها في إيصالها لمنزل صديقتها، وتحزن إن لم توافقها الرأي في السفر للخارج رغم سوء أمورك المادية .. وتنتظرك أن تتنازل وتعتذر منها بغض النظر من منكما المخطئ، ووالدتك تغيب عنها بالأيام والأسابيع دون عذر حقيقي فتستقبلك بلهفة واشتياق و"تشمك" وكأنك في عينيها ما زلت ذلك الطفل الصغير الذي ما زال يحبو، يضيق بها الحال وتحتاج مالا فلا تخبرك حتى لا "تضيق" صدرك .. عذرا متى آخر مرة اشتريت هدية لوالدتك؟ ــ جنتك هي فقط والدتك فاجعل رضاها غاية أملك.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها