Author

اليوم الوطني .. هل أنت متفائل؟

|
مستشار اقتصادي
نعم أنا متفائل. في زيارته المهمة إلى فرنسا ذكر ولي العهد أن المنطقة تمر بسلسلة من الأزمات. أكثر دول المنطقة صغيرة، وليست من القدرة أو المقدرات أن تتعامل مع القضايا الإقليمية، ناهيك عن الدولية بمفردها، ولذلك فإن "حالة" الأزمات تشكل وتلعب دورا أكثر من أهميتها الموضوعية في تطور تلك الدول في المدى البعيد. هذه إشكالية هيكلية واحدة، ولكنها لا تعفي النخب في المملكة من مسؤولية التقدم. تفرض حالة المنطقة على ساكنيها انشغالا عاطفيا وذهنيا غير مبرر في نظري عما هو أهم: تنمية بلادنا. الانشغال بأزمات المنطقة يصب في حالة التشاؤم، وبالتالي التقليل من النجاحات وفرص المزيد منها، والانشغال بغير المهم أحيانا أخرى. أنا متفائل لأسباب موضوعية تؤمن بأن النجاح تراكمي وتدريجي ـــ الخيارات الأخرى أسوأ بكثير. تراكم النجاحات والتفاؤل مكملان لبعض. موضوعيا أنا متفائل لأن المملكة بدأت بسرعة وبقوة في بناء بنية تحتية شاملة، وخاصة في قطاع المواصلات، وجزئيا في قطاع القطارات الأقل تكلفة وأكثر فعالية في المدى البعيد. أنا متفائل لأن المملكة ستكون رقما صعبا في الصناعات البتروكيماوية مع نهاية 2016 ليس حجما فقط بل درجة التنوع الأفقي والتعمق الرأسي أيضاً. أنا متفائل لأن المملكة تعلمت من تجربة البعثات الماضية، ولم تتوقف هذه المرة بعد عدة دفعات. أنا متفائل لأن السياسة الخارجية والإقليمية متماسكة ولكنها مرنة. أنا متفائل لأن الحديث بدا جديا عن تعديل أسعار الأراضي من خلال الزكاة أو الرسم. أنا متفائل لأن سياسة الطاقة وإن لم تعلن بدأت تأخذ بنظرة واقعية وبعناصر عملية. أنا متفائل لأنه بدا الحديث عن تقييم الكفاءة المهنية والأكاديمية مجتمعيا. أنا متفائل لأن مجلس الشورى بدا يسأل بدقة أكثر. أنا متفائل لأن وزارة المالية بدأت بتغيير النظرة إلى الاستثمارات داخليا وخارجيا. أنا متفائل لأن الأغلبية العظمى ترفض الانغلاق والإرهاب. سوف يكتمل تفاؤلي حين تتعدى وزارات معينة العناوين العامة والرسالة الإيجابية إلى خطوات عملية نوعية جادة، فمثلا لم تكتمل المنظومة الإحصائية اقتصاديا ولم تستقل المؤسسات الإحصائية، ولم تتعدَ وزارة العمل تشخيص الإشكالية وجمع المعلومات وفرض بعض القيود، التي لم تمس الجوهر حتى الآن، تناسي الحملة على غير النظاميين مثال على التقاعس. سأكون متفائلا أكثر حينما تستمر وزارة التجارة في مقاومة ما يحد من المنافسة وليس حماية المستهلك فقط. سأكون متفائلا أكثر حين تتعدى وزارة الصحة الرسالة وبناء المستشفيات إلى إيجاد سياسة صحية متوازنة بين القطاعين العام والخاص وبين العام والتخصصي وبين التكلفة والخدمة. سأكون متفائلا أكثر حين تترجم وزارة التربية الميزانيات الضخمة والنوايا الطيبة إلى منتج منافس عالميا، فنحن نحدد النوايا والأرقام، ولكننا لا نحدد المعيار. سأكون متفائلا أكثر حين تواجه وزارة التعليم العالي المجتمع بالصراحة في عدم الحاجة إلى أكثر من نحو 40 في المائة للجامعات داخليا وخارجيا، والتفريق والدقة بين الجامعات والتخصصات، ولعلها تبدأ بالبيت الداخلي. سأكون متفائلا حين يكون هناك تغيير نوعي مستحق في مؤسسة التعليم الفني. في الأخير التفاؤل أو التشاؤم حالة ذهنية عابرة، تعززها أو تفندها الخطوات العملية على الأرض، ولذلك علينا بتعزيز الحالة بتراكم الإيجابيات من خلال متابعة ما يتم في الوزارات المذكورة أعلاه، فليس هناك أفضل من تشجيع المتفائل بمواصلة النجاح، وتغيير حالة المحبط وهزيمة الشامت. وكل عام والوطن بخير.
إنشرها