Author

ألغاز سوق العمل (2)

|
عضو اللجنة المالية والاقتصادية ـ مجلس الشورى
في الأسبوع الماضي تطرقت إلى ألغاز بعض قرارات الجامعات والتعليم العالي بشكل عام، واليوم أطرح عددا من القضايا الاقتصادية في سوق العمل، لم أستطع أن أجد لها تفسيرا من جانبي وقلت لعل أحدهم يفسرها: 1 - كلما سمعت عن جهود وزارة العمل في إصلاح سوق العمل قفز موضوع العمالة المنزلية إلى واجهة الأسئلة عندي، فلا أعرف كيف أن الحكومات الإندونيسية والفلبينية والهندية والكينية والعاملات المنزليات في العالم أجمع، تتفق في وقت واحد على عدم تزويد المملكة بالعمال، ثم في الوقت نفسه تعج البلاد بهم وفي كل مكان وهناك سوق رائجة لنقل الكفالات وبيع التأشيرات بأسعار خيالية وفي وضح النهار، لا أفهم كيف أن الطريق الرسمي للعمالة مقفول والسوق السوداء تعج بهم، وأن وزارة العمل تنظم السوق؟ 2 - لا أفهم كيف أن طلب تأشيرة يتطلب جهودا خرافية، وأسئلة تعجيزية عن ألوان الطيف التي اختزلها "نطاقات"، وعن الأحمر والأصفر وألوان العبور، بعد كل هذا تزيد العمالة الوافدة، بأكثر من 860 ألف عامل، والبطالة 19 ألفا، والسؤال: هل كانت الألوان تهدف للحد أم للسماح؟ ذلك أن نطاقات كما فهمناه يعزز من السعودة، التي إن تحققت نقلت الشركة إلى نطاق أعلى وسمح لها بالاستقدام، وعليه كان يجب أن تزيد نسب توظيف السعوديين، وفي مقابل ذلك توزيع عادل للعمال الأجانب بين الشركات الجادة، لكن الذي حدث هو زيادة العمال وزيادة البطالة؟ وإذا قلنا إن زيادة البطالة تعود لزيادة عدد السكان، فكيف نفسر زيادة العمال الأجانب؟ 3 - لماذا تحرص وزارة العمل على معالجة البطالة، إذا كانت قادرة على أن توفر العدد الكافي من العمال الضروري للإنتاج في أي وقت ومن أي مكان؟ المعروف أن البطالة لها آثار اقتصادية واجتماعية خطيرة، واللغز المحير.. هل وزارة العمل تعالج القضية لأنها اجتماعية أم اقتصادية؟ 4 - لا يمكن القول إن الآثار الاقتصادية للبطالة في المملكة خطيرة، فقد ثبت أن الاقتصاد قادر على توفير العمالة التي يحتاج إليها ومن سوق تنافسية جعلت الأجور تنخفض إلى أقل من حد الكفاف. كما أن المجتمع والاقتصاد قادران على شراء جميع الإنتاج، بل إن الصادرات زادت لهذا العام. فهل وزارة العمل تبذل جهودها لحل مشكلة البطالة لأن لها آثارا اجتماعية فقط؟ إذا كان كذلك فلماذا عملت الوزارة على تغريم المؤسسات مبلغ 200 ريال عن كل عامل إذا لم يصل عدد السعوديين إلى المستوى المخصص؟ ذلك أنه تسبب فقط في آثار اقتصادية بحتة مع زيادة أجور العمالة، وبالتالي زادت رغبتهم في العمل في المملكة، فزاد عددهم، فزادت مشكلة البطالة. 5 ــ والسؤال الذي نسأله بخصوص البطالة نسأله أيضا بخصوص عمل المرأة، فهل المشكلة اقتصادية أم اجتماعية؟ لأن الآثار الاقتصادية محدودة جدا، بينما حلولنا فاقمت المشكلة الاجتماعية لعمل المرأة، فبعد أن كنا نتحدث عن البطالة عند النساء أصبحنا نتحدث عن مشكلة نقلهن ومشكلة بيئة عملهن، وترقياتهن، ورواتبهن. 6 -لن أسأل عن لغز التفاوت الكبير في مستويات الرواتب ولمن يتجه المنحنى الصاعد، ذلك أن زيارة سريعة للمطاعم الفاخرة ستعطيك صورة واضحة عن مستوى الرواتب ومن يحصل على أعلى الأجور، لكن السؤال: هل يمكن لوزارة العمل أن تفسر لنا حصول لاعب كرة قدم على 20 مليون ريال حتى يجلس بلا عمل، ثم ينتقل بعد عام واحد إلى فريق آخر بالقيمة نفسها تقريبا وبلا عمل أيضا، فهل هذه الأجور تحت مظلة العمل أم مظلة رعاية الشباب أم الخدمة المدنية أم هي قضية اقتصادية أم مصيبة رياضية أم مشكلة اجتماعية؟ 7 ــ هل سوق العمل لدينا "من جانبه الاقتصادي" يعني الأجانب فقط أو السعوديين فقط أو كليهما، وهل هو يعني العمال الحرفيين، أو الموظفين المهنيين، أو الإداريين والتنفيذيين، أم هو القطاع الخاص فقط؟ إذا كان يعني الأجانب فقط فلماذا اشغلتنا وزارة العمل بموضوع البطالة والسعودة، وإذا كان للعمال الحرفيين فهلا تفسر لنا الوزارة كيف تتفاوت رواتبهم بين مؤسسة حكومية وخاصة، وإذا كانوا موظفين مهنيين أو حتى إداريين وتنفيذيين. فالسؤال: كيف نفسر تفاوت المميزات بين القطاعين الخاص والعام؟ وإذا كانت المسألة أن سوق العمل هو للقطاع الخاص، فكيف نفسر منافسة القطاع الحكومي لجذب الموظفين والعمال إليه؟ وإذا كان سوق العمل يغطي كل هذه القضايا فكيف نفسر عمل الوزارتين؟ 8 - والسؤال الأخير هل إصلاح سوق العمل في الاقتصاد السعودي يحتاج إلى إصلاح المفاهيم في المقام الأول؟
إنشرها