Author

ركوب الموج : حقائق وأرقام ..!

|
لا بد أن القارئ قد تنبه أن المقالة ليست عن تلك الرياضة المائية الممتعة غالباً والخطرة في بعض الأحيان، ومباشرة ندخل سوياً في الموضوع. بحسب تقرير أعده بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) عن عام (2012 م)، فقد بلغت حصة الشركات السعودية المدرجة في سوق الأسهم السعودي (46%) من إجمالي إيرادات وأرباح الشركات المدرجة في الأسواق المالية بدول الخليج العربي والبالغة (55.4) مليار دولار أو ما يعادل نحو (208) مليار ريال، أي أن إجمالي إيرادات وأرباح الشركات السعودية المدرجة في سوق الأسهم السعودية والتي يبلغ عددها لذلك العام (150) شركة في (15) قطاعاً، نحو (25.5) مليار دولار أو ما يُعادل (96) مليار ريال، وتُوظف تلك الشركات مئات الألاف من المواطنين والوافدين للعمل، والعدد في تزايد ملموس، مما يُوجد المزيد من الوظائف واستيعاب المزيد من الخريجين والوافدين. أرقام مبهرة توحي بمظهر خلاب أعتذر سلفاً عن كشف الجانب الآخر الذي ينطوي عليه، والذي دفعني لإيضاحه الاستمرار في "ركوب الموجة بعد الموجة"، وآخرها "موجة الاقتصاد المعرفي" بعد موجة "التخصيص" فموجة "العولمة" ورفيقتها "التنمية المستدامة" وبعدهما "الاقتصادات الكبرى"، مما يفوت علينا "رؤية الحقيقة". وإليكم بعض الحقائق التي قد تساعدنا على "الإفاقة" من "وهم اليقظة"، فالذين صنعوا الظروف المواتية لطرح موجة "الاقتصاد المعرفي" هم رواد أعمال شغوفين وطلاب جامعات مغامرين حققوا ما هو "مبهر" فعلاً ويستحق "الاعجاب" حقاً، فذالكما بيل غيتس وصديقه بول ألان مؤسسي عملاق البرمجيات "مايكروسوفت" في عام (1975 م) والذي يُوظف ما هو دون (80) ألف متخصص في أكثر من (100) دولة وبدخل سنوي يبلغ (44) مليار دولار (أي ما يُعادل 80% من إجمالي إيرادات الشركات المدرجة في كافة الأسواق المالية بدول الخليج مجتمعة)، وها هما طالبي جامعة ستانفورد لاري بايج وسيرجي برين يؤسسان في عام (1996 م) محرك البحث الأكثر استخداماً على مستوى العالم برأسمال قدره (23) مليار دولار وتُوظف نحو (21) ألف متخصص، وأولئك ثلاثي طلاب جامعة هارفرد مارك زوكربيرغ وداستين موسكوفيتز وكريس هيوز يؤسسون في عام (2004 م) موقع التواصل الاجتماعي الذي نتج عنه "ثورة حقيقية" في نشر المعلومات والأخبار المقرؤة والمرئية وتصل قيمة سهم الشركة في السوق المالية نحو (75) دولار (أي ما يُعادل 280 ريال). والأهم.. والأهم.. والأهم هو أن تلك الشركات الأمريكية لا تعتمد في نموها على أنشطة حكوماتها كما هو الأمر بالنسبة لكثير من الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية، فما مقصدنا من ركوب موجة "الاقتصاد المعرفي"، أهو لدراسة قصص النجاح المشار إليها؟ أم لاستنساخها؟ أم لمنافستها؟ علينا أن نعي أنه من غير الممكن ومن غير العملي ومن غير العلمي أن نقفز مراحل التدرج الطبيعي لتكوين المجتمعات، ولعل اقرب تشبيه لحالة من يحاولون "ركوب الموج" دون التروي والنظر بتعمق إلى كيف تم الوصول لتلك الموجة؟ ما هي طبيعة تلك الموجة؟ وهل نحن مستعدون لركوب تلك الموجة؟ هو كراكب دراجة، حُدد له هدف واضح عليه أن يعمل ليصل إليه، هب أنه قد تم تعطيل قدرات راكب الدراجة المتعلقة بالاحساس بالاتجاه والسرعة (مبادئ فيزياء)، وكانت الدراجة مزودة بزوج من تروس نقل الحركة (للتذكير.. إذا كان عدد تروس ناقل الحركة فردياً فاتجاه حركة الدراجة هو نفس اتجاه مصدر الحركة- للأمام للأمام، وللخلف للخلف- وإذا كان عدد تروس ناقل الحركة زوجياً فاتجاه حركة الدراجة هو عكس اتجاه مصدر الحركة)، النتيجة هو أنه كلما بذل راكب الدراجة جهداً أكبر للأمام كلما زادت سرعة بعده عن الهدف فيبذل المزيد وهو غير مدرك إلا لأمر واحد وهو أن الهدف الذي يراه أمامه يبتعد دون أن يفكر في السبب حتى يبلغ حداً يترك فيه الأمر برمته، ولعل لنا عودة إلى تفاصيل أكثر بخصوص هذه "الموجة" ومناقشة "الموجات" الأخرى التي تم الإشارة إليها.
إنشرها