أخبار اقتصادية

بدء العمل لإنشاء خط أنابيب جديد للغاز الروسي إلى الصين

بدء العمل لإنشاء خط أنابيب جديد للغاز
الروسي إلى الصين

دشنت روسيا والصين العمل في بناء خط أنابيب جديدا للغاز يربط بين البلدين في احتفال رسمي في مدينة ياكوتسكالسيبرية. الاحتفال سيليه آخر على الجانب الصيني من الحدود في النصف الأول من العام المقبل، حيث ستدشن الصين عملية البناء من جانبها. على أن يتم ضخ أول كمية من الغاز من سيبيريا إلى شمال شرق الصين في أوائل عام 2019. وكانت شركة CNPC الصينية قد وقعت صفقة ضخمة مع روسيا بقيمة 400 مليار دولار لشراء الغاز الروسي من شركة جازبروم الروسية، وتحصل بمقتضاها بكين على 38 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً على مدار 30 عاماً. ولـ "الاقتصادية" يعلق الخبير النفطي وليام جونسون قائلاً: "الصفقة بين الطرفين ضخمة بكل المعايير، ولكن أهميتها وتوقيتها يكشفان عن أبعاد أكبر من تفاصيل الصفقة". ويضيف: "الصفقة بالنسبة لموسكو حيوية إذ تكشف عن تغيير حقيقي واستراتيجي في البحث عن أسواق بديلة للغاز الروسي بدلاً عن أوروبا، ولا شك أن ذلك سيضعف من تأثير العقوبات الأوروبية على روسيا". وبقدر أهمية الصفقة لموسكو، فإنها لا تقل أهمية لبكين؛ فعلى مدى السنوات العشر الماضية، لجاءت الصين النهمة لشراء النفط والغاز لتمويل تنميتها الصناعية، ولرفع مستوى معيشة المواطنين وتزايد احتياجاتهم من مصادر الطاقة، ولجاءت الصين كذلك إلى استخدام موردي غاز آخرين. فتركمانستان تعد الآن أكبر مورد للغاز للصين. وخلال العام الماضي بدأت الصين في استيراد الغاز الطبيعي عبر الأنابيب من ميانمار. وتعد بكين حالياً أكبر شريك تجاري لموسكو؛ إذ بلغ حجم تدفقات التجارة الثنائية بين الطرفين العام الماضي نحو 90 مليار دولار، وسط مساع مشتركة لمضاعفتها إلى 200 مليار خلال السنوات العشر الماضية. ويعتقد الدكتور كيفين هيتون الأستاذ السابق لمادة الاقتصاد الدولي في جامعة جلاسكو أن التعاون الروسي ـــ الصيني في مجال الطاقة سيحدث تغيرات مهمة في هيكل التجارة الدولية في مجال الطاقة. ولـ "الاقتصادية" يعلق قائلاً: "إذا ما ساءت العلاقات الروسية ـــ الأوروبية من جراء الأزمة الأوكرانية، وزاد الضغط الأوروبي اقتصادياً على موسكو، فلن يكون أمام بوتين إلا أيام لتقوم أوروبا بتقليص صادرات الغاز إليها، وسيدفع ذلك بأوروبا إلى البحث عن موردين في جنوب المتوسط كالجزائر مثلاً أو بعض البلدان الخليجية، وعلينا أن نتذكر أن هناك دراسات لإنشاء خط أنابيب للغاز بين الجزائر وبعض البلدان الأوروبية، إلا أن الجزائريين لا يبدون حماساً بهذا الشأن لرغبتهم في عدم إغضاب الحليف الروسي المصدر الأساسي للسلاح". ويعرب البعض عن قناعته بأن سعي موسكو والصين لترسيخ شراكة استراتيجية بين الطرفين لن يقف عند حدود الطاقة؛ فالاعتماد الصيني المتزايد على مصادر الطاقة الروسية الذي دفعها إلى استيراد 24.35 مليون طن من النفط الروسي الخام، و27.28 مليون طن من الفحم و3.5 مليار كيلو واط في الساعة من الطاقة الروسية العام الماضي وفقاً للبيانات الرسمية، يجعل من الصعب على التنين الصيني إغضاب الدب الروسي، وتتبنى مواقف عقابية ضد موسكو سواء في القضية الأوكرانية أو غيرها. ووسط توقعات بأن تسعى موسكو إلى إيجاد المزيد من الشراكة بين الجانبين تتضمن تعزيز التعاون العسكري، وعلى الرغم من أن روسيا مصدر أساسي للسلاح إلى الصين، إلا أن موافقة القيادة الروسية أخيراً على بيع صواريخ أرض جو للصين من طراز S-400 يعد تطوراً مهماً بين البلدين. إذ سمح ذلك بتغيير التوازن العسكري بين الصين وخصومها من البلدان المجاورة مثل اليابان وتايوان وجميعهم تقريباً حلفاء للولايات المتحدة. إلا أن هذه الرؤية التفاؤلية بشأن العلاقات الاقتصادية المستقبلية بين البلدين، لا تنفي أن بعض من الاقتصاديين المتخصصين في مجال التجارة الدولية يعتقدون أن الأفق بين الجانبين لا يعد وردياً لهذه الدرجة. ولـ "الاقتصادية" تعلق الدكتورة روكسانا ماك دين الاستشارية في البنك الدولي والخبيرة في مجال التجارة الدولية قائلة: "هناك خلل في الميزان التجاري بين موسكو وبكين، الشركات الروسية تستفيد أكثر من الصعود الاقتصادي للصين، ومن غير المرجح أن تستورد الصين العديد من السلع الروسية، وإنما تركيزها سينصب على استيراد المواد الخام من موسكو، بل إن العديد من الشركات الروسية سواء في المجال الصناعي أو الخدمات لا ترحب كثيراً بالتعاون الاقتصادي مع الصين لأنها مهددة دائماً بالمنتجات الصينية منخفضة التكاليف". وتشك الدكتورة روكسانا في آفاق تلك العلاقة من منطلق أن كلا البلدين ليس في وضع يسمح له بلعب دور رئيسي لمساعدة الآخر في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، وتضيف: "الهدف الأساسي لبكين هو الحفاظ على النمو الاقتصادي في الداخل وتوسيع أسواقها التجارية في الخارج، خاصة في البلدان الرأسمالية عالية النمو، وهنا لا تستطيع موسكو أن تساعد كثيراً، فالصين في حاجة للتكنولوجيا وهذا يوجد بالأساس لدى الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. أما بالنسبة لروسيا فأفضل سيناريو لها هو تعزيز علاقتها مع الصين في مجال الطاقة، فهذا يربط الاقتصاد الصيني بروسيا، ولكن توسيع التعاون الاقتصادي لأكثر من ذلك سيحول موسكو إلى الشريك الأصغر، وهو ما يستبعد أن يقبل به الدب الروسي في ظل قيادته الراهنة على الأقل".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية