Author

درء الخطر العربي (8) : البراجماتية في مواجهة المجتمع !

|
وجدت ضرورة التوضيح وكتابة هذه المقالة الإلحاقية حتى لا نصل مرحلة "التباكي" على "اللبن المسكوب" بعد إذ لا يفيد ذلك في شئ، ومباشرةً، ولكي نكون جميعاً على نفس "الموجة الترددية"، سأطرح السؤال التالي: لماذا انضم وفد الكيان المحتل للمفاوضات المنعقدة في الشقيقة مصر قبل بداية الأسبوع ما قبل الماضي ثم انسحب نهايته مستانفاُ عملياته العسكرية ضد "غزة الأبية"، ودون "مقدمات" وافق على هدنة مفتوحة منتصف الأسبوع الماضي ووجه تركيزه ناحية سوريا، ثم أين الصخب الإيراني المعتاد تجاه الاعتداء على غزة وما يحصل في المنطقة العربية الواقعة شمال حدود شبه الجزيرة العربية؟ وللتأكد أننا جميعاً على ذات "خط الاتصال"، سأطرح السؤال التالي: كيف يتغلب خصم على الآخر في أي مواجهة بين طرفين (حرب بين متعاديين، منافسة بين فردين أو فريقين، صراع بين ندين، مجابهة بين متصارعين، وما في حكم ذلك)؟ والإجابة التي لن يختلف عليها إثنان هي "بتشتيت انتباه الخصم ومباغتته في حركةٍ خاطفةٍ ". الآن آمل أني شددت الانتباه بما يكفي وإليكم تحليل ما يشبه "كبسولة مركزة" تتالف من مجموعة مركبات غاية مفعولها هو "الحيرة وفقد القدرة" على "تحديد الاتجاهات"، ولأطرح تساؤلاً بسيطاً يمثل "الترياق" الذي سيبطل مفعول "الكبسولة المركزة" ويجيب على معظم استفسارات المتابعين والمهتمين وما احتار في تفسير "تشعبه وتقاطعه وتناقضه" الخبراء والمحللين بما فيهم أولئك الذين من المجتمع الأمريكي الصديق: ما الذي يحصل حالياً في العراق من أحداث؟ إن التزامن الدقيق لما يحدث في غزة مع العراق خطوة بخطوة وبالتناوب، ما هو إلا "مقاطع" معدّة بعناية وشيء من الارتجال لعملية التغطية على ما يُدبر فعله، كما وأن تواتر صعود وهبوط زخم "التغطية الإعلامية" المقنن حيال الأحداث (أي "تسليط الضوء" ثم "التعتيم" ثم "تركيزه بعيداً" ثم "التعتيم") يحير المتابع ويربكه، وكأنما "توقفات الأخبار" في منطقة زاخرة بها كمثل "فترات الاستراحة الإعلانية" لإعداد المسرح من وراء الكواليس بين فقرات العرض، وإذاً فقد كانت موافقة الكيان الذي "تجرّد" من كل ما له علاقة "بالإنسانية" ومراوغاته بشأن "الهدنة الإنسانية" والمفاوضات التي يرعاها أهل أرض الكنانة، ما هو إلا جزء من عملية تشتيت انتباه المنطقة العربية ليمهد لمؤيدي المعادلة البراجماتية توجيه "ضربةً موجعةً" قد تطرح أصحاب القضية العادلة أرضاً، مع رضاً ملفتٍ من الإيرانيين بما يًدبر "خلف الستار" (بل "وبدعمهم لتدخلٍ أمريكيٍ في العراق ثم سوريا"؟!)، إنه "المشهد الأخير" لتنفيذ المعادلة البراجماتية أمام المأخوذين بعرض يديره عقل واحد من خلف شاشة تحكم وسيُترك التحليل والنقد للمتابعين بعد انتهائه. على أنه كم من الحالات التي عرفها أو جربها كل منتمٍ للإنسانية (كبيراً أو صغيراً، متعلماً أو غير متعلم، قوي البنية أو أقل منه، سواء بسواء لا فرق)، عمن "اختل توازنه" وحسب أو "وقع" لكنه لم يُغشى عليه أو "ثُبت" إلا أنه لم يكتمل العد ضده أو "طُبق" عليه ضغط على أنه لم يستسلم، فقام من كبوته وتصدى لخصمه خاصة وأن دافعه هو أنه صاحب حق؟ تلك حقيقة أثبتتها التجربة العملية حتى أصبحت "قانوناً علمياً"، وهذا ما يدفعني للحديث عن العلاقة التي تربط الكيان المحتل ببعض المتنفذين في السلطتين التنفيذية والتشريعية الأمريكية والتي ألمحت إلى بعض جوانبها في مقالات سابقة، وتحديداً من الذي يؤثر في الآخر أو من ينفذ أجندة من؟ في المقال الثاني ضمن المجموعة، ورداً على مقولة ديرشويتز (Dershowitz)، بروفيسور القانون في جامعة هارفرد، أن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية بالكيان المحتل هي علاقة "تحالف" وأن الكيان ليس "أداة" لدى الأول، طرحت تساؤلاً عما إذا كان أصحاب المصالح والأهداف غير المعلنة في الولايات المتحدة الأمريكية "أداة" للكيان المحتل يسيرهم الأخير كيف يشاء، ويقومون بالنيابة عن الكيان المحتل بتنفذ أجندته بالوكالة. لن يرضى الكيان المحتل عما لا يتوافق والمعادلة البراجماتية، وإلا لعُوقب الحزب الذي يرأسه من قام بالفعلة بالسقوط وليكون بذلك عبرة للحزب المنافس، وسأورد بعض الشواهد التي قد يحاول من يحاول تفنيدها على أنها ستبقى حقيقة، فلقد تخلص الكيان المحتل من قوة كان يحسبُ لها ألف حساب إلى ما قبل عام (1991 م)، فيما تفاجأ الكثيرون من خسارة الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية عام (1994 م) ولم يستطيع الخبراء من تفسير الأمر إلا بربطه بمؤشر سوق الأسهم الأمريكي والذي ما زال يستخدم حتى الآن، فإن كان مؤشر السوق في الأيام السابقة ويوم الانتخابات "إيجابياً" استمر الحزب الحاكم وإلا فسيخسر أمام الحزب المنافس، إلا أن السبب العلمي والبسيط في ذات الوقت هو أن رئيس الحزب الحاكم الذي توقع نجاحاً سهلاً لفترة ثانية قد ضغط على الكيان المحتل للمشاركة في "مؤتمر مدريد" فعوُقب بالخسارة، وبالعودة إلى مؤشر السوق كمؤشر على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أقول أن المؤشر كائن يترجم مدخلات مستخدميه ولا يصنعها سواء كمن يستخدم جهاز الحاسوب، إذاً للمتنفذين أساليبهم في التأثير على اتجاه مؤشر السوق ولا بأس من خسارة مؤقتة قبل أن يعود المؤشر إلى مؤثراته الطبيعية. أجزم أن المجتمع الأمريكي الصديق هو "صاحب الكلمة العليا" على حكومته، وأن ما حصل في انتخابات عام (2008 م) هو أحد مظاهر عقاب الشعوب لأنظمتها، عندما توجهت حملة الحزب الديموقراطي للمجتمع الأمريكي مباشرة وليس لإرضاء داعمي الحملات من المتنفذين، فسقط الحزب الحاكم حينها جراء الأرواح والأموال التي تكلفها مجتمعه نتيجة الحروب العديدة التي خاضها دون دعمه. كما أكاد أجزم أنه في حالة نجاح البراجماتيين في تنفيذ المعادلة البراجماتية الأساس فسيكون مؤشر السوق إيجابياُ يوم الانتخابات الرئاسية عام (2016 م)، والتي سيكون من مكتسباتها استمرار الحزب الحاكم لفترة تالية أو فترات بما يحقق أولويات قياسية غير مسبوقة على مدى تاريخ أمريكا بما فيها توالي عدد مرات الفوز في الانتخابات وطول مدة البقاء في البيت الأبيض، أما إن أخفق الحزب الحاكم في انتهاز الفرصة التي قد تكون الأخيرة فسقوط ذريع وانهيار لمؤشر السوق، ويبقى السؤال: هل ستتخذ الإدارة الأمريكية قرارها المستند على تفويض مجتمعها أم سترضخ لضغوط مؤيدي المعادلة البراجماتية؟ وختاماً.. أتوجه للمجتمع الأمريكي الصديق بكلمة ليست للعظة فهم يعون شئونهم وأدرى بها بل لمساعدتي إذا رغبوا في تخليصي من "حيرتي"، إذ يقوم الدستور الأمريكي على عدم التمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو سوى ذلك، فما بال النسر ذو الرأس الأبيض (الذي يرمز للقوة والسمو)، وهو الشعار الوطني والختم الرسمي للولايات المتحدة الأمريكية، قابضاً على غصن زيتون (رمزاً للسلام والرخاء) في أحد قدميه والأسهم (رمزاً للقوة والحرب) بالأخرى ويضع الدرع (رمزاً للحماية)، أقول ما باله يحمل فوقه مجموعة من النجوم مصفوفة على شكل الشعار الديني للكيان المحتل، كما يحمل في الوجه الآخر للختم الوطني هيكلاً يمثل الرقم (273) والذي يقابل في العبرية، وفقاً لهيرام أويسس، اسم هاريم أبيف (HARIM ABIFF) وهو المهندس المزعوم الذي بنى هيكل سليمان؟
إنشرها