Author

هدر الطاقة (2)

|
اليوم أتحدث عن استهلاك المساكن. تقترب نسبة الاستهلاك السكني للكهرباء في المملكة من 50 في المائة من الاستهلاك الكلي. يبلغ عدد المشتركين 5.6 مليون مشترك. بمعنى أن المساكن تستهلك ما يقارب 75 مليار ريال من الدعم الحكومي المقدم لصالح إنتاج الطاقة الكهربائية. انخفاض الوعي بأثر الانبعاثات الحرارية على البيئة، والأثر الصحي الذي تسببه مختلف الأجهزة الكهربائية على الأسر، خصوصاً المكيفات التي لا تزال نسبة استهلاكها للكهرباء عالية بسبب طبيعة الأجواء التي تعيشها المملكة في فصل الصيف خصوصاً، سببان من أسباب هذا الهدر. انخفض استهلاك القطاع السكني بنسبة 2 في المائة خلال العام الماضي، جاء هذا بناء على مجموعة من التدابير المهمة التي أسهمت فيها وزارة التجارة والصناعة والبرنامج الوطني لكفاءة الطاقة وشركة الكهرباء. ضمت الجهود تدابير جديدة لقبول الأجهزة المسموح ببيعها في الأسواق، ونشاطات التوعية والتثقيف في مجال المحافظة على الطاقة. تمكن المركز الوطني لكفاءة الطاقة من تعميق الوعي بأهمية استبدال الأجهزة ذات الاستهلاك العالي من خلال ربطها بالتوفير المالي الكبير، والاهتمام بتبني عادات مختلفة في التعامل مع الطاقة الكهربائية وتشجيع السلوكيات التي تسهم في خفض الاستهلاك، مثل إطفاء المكيفات والمصابيح عند مغادرة الغرفة. على أن المواطن السعودي ما زال يستهلك من الطاقة الكهربائية ضعف المعدل العالمي، وهو تحدٍ كبير للمختصين في مجال الترشيد. يمكن أن نراجع الإجراءات والتعرفة بالنسبة للمساكن التي تستهلك كميات لا تتناسب مع حاجتها الفعلية. كما يمكن أن تسهم برامج التربية والتعليم في تعميق مفاهيم الترشيد، باعتبار أن صغار السن هم الأكثر هدراً في الاستهلاك. يمكن أن نعتبر الجهد المبذول خلال الأعوام الماضية قاعدة نبني عليها المزيد من البرامج والمؤتمرات والتوعية للوصول إلى أكبر عدد من السكان. الهدر الذي يعيشه المجتمع ليس محصوراً في استهلاك الطاقة الكهربائية، بل إن الهدر في الموارد المائية أشد خطورة على مستقبل البلاد، ومثله تجاوز الحاجة في الكثير من مناحي الاستهلاك في البلاد. من المهم أن تغرس المدارس في الأبناء مفهوم الترشيد بالوسائل الممكنة، ويسهم في ذلك الوعاظ والخطباء وأصحاب الأثر الاجتماعي عملاً بقول المصطفى ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ “لا تسرف ولو كنت على نهر جار”.
إنشرها