Author

علاقة الضريبة بالناس «ساند»

|
من الواضح أن سرعة إعادة الهيكلة التي يمر بها الاقتصاد السعودي بدأ تأثيرها يطفو على السطح، ويلاحظ من ردات الفعل المتفاوتة تجاه القرارات المؤثرة في سوق العمل أو القطاعات الاقتصادية المختلفة أن الجمهور المتأثر بكل من هذه القرارات بدأ يحلل ويستقرئ القرارات بنظرة اقتصادية ومنطقية، وقد تكون هناك ردات فعل غير منطقية بالنسبة للبعض، إلا أن هذا الأمر طبيعي جدا في أي مجتمع. المهم هنا أن المتأثر بكل قرار بدأ يناقش ويوافق ويرفض، وهو أمر له دلالات كثيرة. ومن هذه الدلالات أن المجتمع أصبح أكثر قدرة على إدارة مصالحه الاجتماعية والاقتصادية. القرار الأخير باستقطاع ما نسبته 1 في المائة من رواتب موظفي القطاع الخاص أثار العديد من ردات الفعل تجاهه، ولا نبالغ إذا قلنا إن وسائل التواصل الاجتماعي عجت بردود الفعل الموافقة والرافضة لهذا القرار، على الرغم من أن قيمة هذا الاستقطاع ليس مؤثرا ماليا في حياة أي موظف، وهو أقل من نسبة استقطاع التأمين ضد البطالة في دول كثيرة، هنا يبرز السؤال المهم: لماذا رفض الكثير من الناس قرار "ساند" على الرغم من عدم تأثيره في حياتهم الاقتصادية، وعلى الرغم من مساهمة هذا القرار في حمايتهم من الهزات الاقتصادية؟ في اعتقادي أن هناك ثلاثة أسباب وراء ردة الفعل هذه. السبب الأول هو عدم مشاركة المستفيدين أو المتأثرين بهذا القرار في اتخاذ القرار، ومع أخذنا في الاعتبار كل الأعذار وراء عدم إشراك الناس في اتخاذ القرار، إلا أن قرار التأمينات هذا هو قرار اجتماعي اقتصادي بحت، والتأمينات الاجتماعية تعتبر سلة تأمينية لموظفي القطاع الخاص، ولا ترتبط بالقطاع الحكومي إلا من الناحية الإدارية، فالأقساط التي تدفع للتأمينات تأتي من الناس وليس من الأجهزة الحكومية، فلماذا لم يشارك المتأثر بالقرار في اتخاذه؟ السبب الثاني يكمن في إجبار جميع موظفي وموظفات القطاع الخاص بهذا القرار، فلا يملك الموظف حق الاختيار في المساهمة في هذا الخيار التأميني أو عدم المساهمة، وهذا يعتبر تجاهلا لإرادة هذا القطاع الكبير من المجتمع. في معظم البلدان التي نفذت هذا القرار، فإن المساهمة من عدمها في التأمين ضد البطالة هو قرار الموظف، فمن يساهم سيستفيد من التأمين في حالة الفصل من وظيفته، ومن لم يساهم لن يستفيد. السبب الأخير هو أنه على الرغم من كون التأمينات الاجتماعية مؤسسة تأمينية من الناس و للناس، إلا أنه لا علاقة للناس من قريب أو بعيد بإدارة هذه المؤسسة، فلا المؤسسة تنشر قوائمها المالية السنوية، ولا المستفيد يعلم عن كيفية عمل إدارة الاستثمار داخل المؤسسة، مما سبب فجوة كبيرة بين المؤسسة و المستفيدين منها. أعتقد أنه من العدل والإنصاف أن تأخذ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية هذه الأسباب في عين الاعتبار، فهي في النهاية تموّل من الناس، والناس تفهم وتعي أن من واجب المؤسسة إشراكهم في قراراتها، وكما يقول المثل "لا ضرائب دون مشاركة في اتخاذ القرار".
إنشرها