Author

العيدية المخبوءة

|
تلقى صديقي صباح العيد هدية ثمينة من أمه، تتجسد في دفتر اللغة العربية الخاص به عندما كان في الصف الرابع الابتدائي. قامت والدته بتغليفه جيدا بعد أن غمرته بعطرها وابتسامتها وأهدته له فور أن فرغ من تقبيل جبينها مع أبنائه بعد صلاة العيد. كانت هدية أمه هي العيد بأسره. لقد كانت محور حديثه مع أبنائه وزوجته وأصدقائه. تحدثنا حولها طويلا. أتصور أن صديقي جاب بها كل منزل ذهب إليه للمعايدة، ليتصفح مع محبيه ذكرياته الأولى في المدرسة. إن العيدية ليست للصغار فحسب، إنما للكبار أيضا. فالكبار كذلك يحتاجون إلى أن يبتسموا ويطيروا فرحا حتى لو امتلأت أجسادهم شحما وصدورهم هما. كان صديقي يقلب صفحات الدفتر بجواري كأنه يريني كنزا. يسافر من صفحة إلى صفحة بتأن وتؤدة حتى لا يهمل سطرا أو ينسى شطرا. يمسك بالورقة برفق كأنه يحمل ألماسا. يستعرض أمامي الرسوم ويضحك بصوت عال. لقد أشعلت أمه ألعابا نارية في صدره وكل من التقاه وصافحه في العيد. لا أدري لِمَ تحول العيد إلى مسرح للاستعراض المادي وغاب عنه الإحساس المعنوي؟ أشياء كثيرة بوسعها أن تفشي السعادة في أرجائنا ولا تكلفنا كثيرا.. أن نغلف رسالة أو "نبروز" صورة أو نحيي ذكرى، ونسديها لأحبتنا أيام العيد. إذا أسعدنا الكبار فسنسعد الصغار. ما الضير أن نعمل على إسعاد ثلاثة أشخاص كل عيد.. نكرس جهودنا من الآن لنقدم لهم هدية ثمينة سيتذكرونها طويلا. تجمعنا مع أحبتنا ذكريات جميلة، لكن بحاجة إلى إيقاظها وتقديمها على نحو يسعدهم ويسعدنا. مع الأسف نغفل كثيرا أثر هذه المبادرات الصغيرة في نفوس أحبتنا. إنها ستكون عيدا بحد ذاتها. ستشغلهم وتشعلهم سعادة طوال أيام العيد وما يليها. تمتلئ أدراجنا وخزائننا وصدورنا بالكثير من الهدايا التي تحتاج فقط إلى مَن ينفض الغبار عنها ويضعها في متناول أحبتنا. طعمها سيكون ألذ من قطع الشوكولاتة التي تفقد بريقها وإغراءها عندما نتناولها بإسراف. فتشوا في أدراجكم وصدوركم فستجدون الكثير من العيديات المخبوءة، التي ستنجب الكثير من الابتسامات المنتظرة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها