أخبار اقتصادية

روسيا ترد على العقوبات الأوروبية بـ «سلاح» أسعار الطاقة

روسيا ترد على العقوبات الأوروبية بـ «سلاح» أسعار الطاقة

لوحت روسيا أمس باستخدام "سلاح" الغاز في مواجهة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي عليها. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي ستؤدي "حتما" إلى ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا. وأضافت الوزارة قائلة في بيان "بإطلاقها موجة من العقوبات فإن بروكسل تضع بإرادتها المنفردة حواجز أمام المزيد من التعاون مع روسيا في مجال حيوي مثل الطاقة. هذه خطوة غير مدروسة وغير مسؤولة. وهي ستؤدي حتما إلى زيادة في الأسعار في السوق الأوروبية". وحاولت موسكو التقليل من أهمية العقوبات الأمريكية والأوروبية بالإعلان أمس عن أولى الإجراءات لحماية اقتصادها، فقد أعلن المصرف المركزي أنه سيتخذ كافة الإجراءات، عند الحاجة، لدعم المصارف التي تمسها العقوبات وزبائنها ودائنيها. وبحسب ما أوضحت مؤسسة الاستثمار "في تي بي" في تحليل لها فإن العقوبات المفروضة على القطاع المالي سيكون لها التأثير الأكبر في الاقتصاد الشمولي في ظل الخطر المتزايد على النمو من جهة والضغوط التي تؤدي إلى تراجع قيمة الروبل. وقلل سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي، من أهمية تأثيرها، مؤكدا أنه ليس لدى روسيا ما تقلق بشأنه، وسنتخطى أي صعوبة قد تظهر في بعض قطاعات اقتصادنا، بل من الممكن أن نستقل أكثر ونثق أكثر بقوتنا الخاصة. من جانبه ذكر اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية أن التأثير السلبي في الصادرات الألمانية إلى روسيا لا يزال مستمرا بشكل غير مباشر نتيجة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا. ووفقاً لـ "الألمانية"، فقد أوضح توبياس باومان، مدير القسم المختص بشرق وجنوب شرق أوروبا في اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية أن هذا المجال كان يعاني الركود بالفعل، وقد تسببت العقوبات في زيادته. وانخفضت الصادرات الألمانية إلى روسيا بالفعل منذ بداية هذا العام بمعدل 14 في المائة تحسبا لفرض هذه العقوبات، بينما شهد مجال الهندسة الميكانيكية معدل انخفاض أكبر، وقدر اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية معدل التراجع في العام بأكمله بما لا يقل عن 10 في المائة، وتوقع باومان أن هذه النسب ربما تزداد بعد ذلك. وأضاف باومان أن الوضع الاقتصادي في روسيا قد تغير بالفعل قبل ذلك، وبغض النظر عن ضعف النمو الاقتصادي الحالي، يبدو أن هناك حالة ركود اقتصادي في روسيا، الأمر الذي سيؤدي إلى خسائر لاحقة في القوة الشرائية، وأرجع باومان ذلك إلى أن الاستثمار يحتاج إلى عناصر جذب لأصحاب رأس المال وكذلك للأسواق المالية. ووفقاً لأعلى تقديرات صدرت من اتحاد الغرف الألمانية فإن نحو 300 ألف مكان عمل يعتمد على الصادرات إلى روسيا، إلا أنها أكدت أن أماكن العمل هذه ليست معرضة للخطر بشكل كبير. ومن جهته، أقر زيجمار جابرييل وزير الاقتصاد ونائب المستشارة الألمانية أن العقوبات الجديدة على روسيا قد تضر بالاقتصاد الألماني ولكن السلام أهم - بحسب تعبيره. وقال جابرييل نعرف أننا قد نعاني العواقب الاقتصادية وأن التجارة مع روسيا ليست كبيرة بشكل مفرط ولكنها ذات مغزى مضيفا أنه يعتقد أن العقوبات ستؤثر في روسيا بشكل سريع جدا، ومع ذلك فإنه في أوقات الحرب والسلام لا تكون السياسة الاقتصادية هي الاعتبار الرئيسي. وأعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فرض مزيد من العقوبات على روسيا مستهدفين قطاعات الطاقة والمصارف والدفاع في أقوى تحرك دولي حتى الآن ردا على دعم موسكو للمتمردين في شرق أوكرانيا. وقد أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما البارحة الأولى فرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا لكنه رفض فكرة دخول العالم في "حرب باردة جديدة"، وذلك بعيد عقوبات مماثلة فرضها حلفاؤه الأوروبيون. وقال أوباما في البيت الأبيض "اليوم تفرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على قطاعات رئيسية في الاقتصاد الروسي الطاقة والتسلح والمالية"، عقب ساعات من إعلان بروكسل فرض سلسلة عقوبات لمنع الشركات والمصارف الروسية من الوصول إلى الأسواق المالية الأوروبية وحظر أي بيع جديد للأسلحة والتكنولوجيات الحساسة في مجال الطاقة. وبينما تأسف أوباما لقيام روسيا بعزل نفسها عن المجتمع الدولي بعد عقود من التقدم الفعلي، اعتبر الرئيس الأمريكي أنه خيار قامت به روسيا والرئيس فلاديمير بوتين تحديداً، مؤكداً أنها ليست حربا باردة جديدة، وموضحا أنها مشكلة محددة جدا مرتبطة بموقف روسيا الذي يرفض الاعتراف بأن أوكرانيا تستطيع سلوك نهجها الخاص. وتعمل واشنطن على حشد تأييد الحكومات الآسيوية للعقوبات التي فرضتها مع الاتحاد الأوروبي على روسيا وفقاً لما صرح به مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، مضيفاً أن حشد الدعم الآسيوي مهم إذ إن التجارة الروسية تتركز بشكل متزايد على هذا الجزء من العالم. وأوضح المسؤول في سنغافورة أننا نأمل انضمام الدول في هذه المنطقة وبينها عدد من المراكز المالية والتجارية إلينا في ممارسة مثل هذا الضغط على روسيا. غير أن اقناع بعض الدول الآسيوية بفرض إجراءات مماثلة يمكن أن يكون صعبا إذ إن اليابان وأستراليا هما الدولتان الوحيدتان في المنطقة اللتان فرضتا عقوبات على روسيا حتى الآن. في حين أن الصين حليف سياسي واقتصادي كبير لروسيا وقد وقع البلدان حديثا اتفاقية غاز حجمها 400 مليار دولار، أما هونج كونج - المركز المالي - فستضطر إلى التقيد بالحدود التي وضعتها الحكومة المركزية في الصين بينما تميل سنغافورة - المركز المصرفي المنافس - إلى تطبيق العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة وهو أمر غير وارد إذ إن روسيا عضو دائم في مجلس الأمن وتتمتع بحق الفيتو. وتشكل الهند زبونا كبيرا للمعدات العسكرية الروسية، ويزور وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الهند هذا الأسبوع حيث يتوقع أن يناقش الإصلاحات التجارية العالمية ولكن من غير الواضح ما إذا كان سيطرح مسألة العقوبات. من جانبه، صرح هيرمان فان رومبوي رئيس المجلس الأوروبي أن العقوبات الأوروبية تشكل تحذيرا قوياً، مشيراً إلى أن زعزعة استقرار أوكرانيا أو أي بلد آخر مجاور ستكون لها تكلفة هائلة على الاقتصاد الروسي. فيما رأت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن هذه الخطوة كان لا بد منها، داعية السلطات الروسية إلى سلوك نهج نزع فتيل التصعيد والتعاون في النزاع الأوكراني. وبينما اعتبر أوباما أن تبني الأوروبيين هذه التدابير رغم علاقاتهم الاقتصادية الوثيقة بروسيا يثبت أن صبر أوروبا حيال الرئيس بوتين ينفد، وأعلنت وزارة الخزانة أن الولايات المتحدة قررت فرض عقوبات مالية جديدة على روسيا عبر إدراج ثلاثة مصارف روسية على اللائحة السوداء. وبموجب هذه العقوبات يحظر على الأمريكيين أو أي أشخاص في نطاق القضاء الأمريكي القيام بأي تعاملات جديدة على المديين المتوسط أو الطويل مع بنك "في تي بي" ثاني أكبر المصارف الروسية، أو "بنك موسكو" المتفرع منه، وكذلك بنك الزراعة الروسي. ولن يكون للتدابير الأوروبية مفعول رجعي في مجال الدفاع ولن تتعلق سوى بالعقود الجديدة ما يتيح لفرنسا بيع حاملتي مروحيات ميسترال لروسيا، وكانت باريس قد تعرضت لانتقادات لرفضها إلغاء هذا العقد المبرم في 2011 بقيمة 1.2 مليار يورو. وحذرت مؤسسات عديدة من أن نشاطاتها قد تتأثر جراء العقوبات الجديدة على روسيا وبينها مجموعة بي بي النفطية المساهمة بمستوى 19.75 في المائة في روزنفت الروسية. وحذر صندوق النقد الدولي من أن المصارف الأجنبية وخصوصا الفرنسية تواجه مخاطر متزايدة من ناحية العجز عن السداد في روسيا بسبب تصاعد الأزمة، ووفقا للصندوق، تملك المصارف النمسوية الحجم الأكبر من الديون الروسية نسبيا وفقا لحجم أصولها وبالتالي فهي الأكثر عرضة لهذا الخطر. من جهته تساءل إيجور نيكولاييف مدير معهد التحليل الاستراتيجي في موسكو "إف بي كي"، أن روسيا قد تكون راغبة في الرد على العقوبات، ولكن بأي طريقة؟ وقف إمدادات الغاز والنفط؟ إذا كيف تدفع تعويضات التقاعد في روسيا؟ إن ذلك لن يؤثر بصورة فورية، ولكنه سيدفع باقتصادنا نحو الركود. ولم يقتصر التقليل من أهمية العقوبات على المسؤولين، وإنما عمد الإعلام الروسي أيضا إلى الاستراتيجية ذاتها، بل ذهب أكثر منذ ذلك ليشير إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يستفيد منها على صعيد السياسة الداخلية. وتوقعت المجلة الاقتصادية "فيدوموستي" أن تفشل العقوبات أو أن يكون تأثيرها على المدى الطويل، وأشارت إلى أن العقوبات الأمريكية ضد كوبا في 1960 لم تضعف نظام كاسترو، فيما أكدت صحيفة ايزفستيا اليومية أن العقوبات لن تؤدي سوى إلى تضامن الشعب الروسي مع السلطات إذ سينظر إليها كمحاولة أمريكية للفوز على روسيا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية