Author

استثمارات مؤسستي التقاعد

|
يزداد عدد المتقاعدين بنسبة سنوية تقارب 10 في المائة، حسب إحصائيات المؤسسة. هذه النسبة مرشحة للارتفاع لأن أغلب من حصلوا على الوظائف خلال سنوات الطفرة لم يصلوا إلى سن التقاعد. يضاف إلى هذا عدد كبير ممن يفضلون التقاعد المبكر، وهي خطوة جريئة تستفيد منها جهات وتخافها جهات أخرى، المؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية تحديداً. لكن الاقتصاد بشكل عام يستفيد من التقاعد المبكر، ولا يستفيد من رفع سن التقاعد الذي يعتبر "مُسكِّناً" تستخدمه الدول التي تعاني المشكلات الاقتصادية، لأنه يتعامل مع المشكلة لفترة مؤقتة، يعود بعدها المتقاعدون للمؤسسة ولكن بمرتبات أعلى، خصوصاً إن لم يكملوا خدمة 40 عاماً. هذه النقطة بالذات لم يتنبه لها مروِّجو قضية رفع سن التقاعد. يدخل عدد كبير من الموظفين الخدمة العامة في السنوات الأخيرة بعد أن حصلوا على درجات الدبلوم والبكالوريوس والماجستير والدكتوراه. بُني النظام أساساً على أن مَن يدخلون الخدمة لا تتجاوز أعمارهم العشرين، ولهذا لدينا قضية خدمة 40 عاما. التعديل الذي طالبت به مؤسسات التقاعد سيضرها بعد سنوات قليلة، ذلك أن خريج الدبلوم سيكمل 40 عاما وخريج البكالوريوس سيخدم 39 عاما والماجستير 37 عاما والدكتوراه ما يقارب 35 سنة، وهذا يضيف إلى التزامات المؤسسة المالية عند صرف رواتب التقاعد مستقبلاً. بعد أن كانت تصرف استحقاقات 38 و37 و35 و33 سنة على التوالي، يعني أن المبالغ التي ستدفعها المؤسسات ستزداد، إذا هذا مجرد مخدر. لعل هذا الشرح يوضح السياسة التي تتبعها أغلب المؤسسات في حل المشكلات التي تواجهها، حلول مؤقتة. إن تعامل هذه المؤسسات مع أرصدتها بشكل غير اقتصادي، وتوجيه استثماراتها نحو سندات وأسهم ذات عائد منخفض، بل التوجه نحو الاستثمار العقاري بطريقة ينقصها التمحيص والدراسة، أمور سبّبت المشكلات وستستمر في إثارتها في المستقبل. تحتاج المؤسستان إلى استثمارات "براجماتية " يهمها تعظيم الأرباح. ذلك أنها لو وضعت أموالها في حسابات ادخار لحققت أكثر مما تحققه اليوم، فكيف لو حظيت بذراع استثمارية تبعدها عن سوق الأسهم الذي زاحمت فيه المواطنين، وبدأت في تنفيذ استراتيجية توسعية تحقق عائدات مجزية، خصوصاً خلال سنوات الطفرة المالية الحالية.
إنشرها