Author

فرحة ملك وإتقان مواطن

|
ما الذي يُفرح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز؟ سؤال دار في عقلي انطلاقاً من الفرحة التي أراها على محيا والدي وهو المسؤول الأعلى بالأسرة، كلما رأى ثمار فكره وجهده وماله بنجاح أبنائه بدراستهم أو أعمالهم أو حياتهم الاجتماعية. نعم ما الذي يفرح الملك وهو المسؤول الأعلى في البلاد وهو الذي يواصل الليل بالنهار لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد بما ينعكس إيجاباً على مكانة البلاد السياسية والاقتصادية بين الأمم من ناحية وعلى جودة حياة المواطن بكل أبعادها من ناحية أخرى؟ أجزم بأن ما يفرح الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ــــ الإنجازات على جميع المستويات، سواء على مستوى المدخلات أو العمليات أو المخرجات (النتائج) ذلك أننا ندرك جميعاً أن الملك عبد الله جاء ببرنامج تنموي محوره الرئيس المواطن وسيلة التنمية وغايتها، وبكل تأكيد الإنجازات تتحقق بالصورة المثلى المنشودة عندما يتقن المواطن من موقعه عمله كما يجب، وإلا فإن الإنجاز الجزئي أو منخفض الجودة أو المتأخر يكون سيد الموقف، كما كتبت الكاتبة عزيزة المانع في صحيفة "عكاظ" بأن أكثر المشكلات، التي يتطرق لها الناس في أحاديثهم، ويتناولها الكتاب بأقلامهم مشكلة تأخر إنجاز المشاريع، حيث يمر الموعد المقرر لإنجازها ويمر بعده مثله وما تحركت ولا أنجزت. لا يخفى على أي مواطن حجم اهتمام خادم الحرمين بتنمية الوطن في إطار الاستقرار ولا يخفى على أحد إلا جاحد أو سوداوي مشاريع تحقيق ذلك كمشروع خادم الحرمين للابتعاث الخارجي، والإنفاق الهائل على تطوير التعليم المتوسط والعالي، حيث أنشئت أكثر من 13 جامعة في كل المناطق، والإنفاق الهائل على تطوير الوضع الصحي، حيث التوسع بإنشاء وتطوير المراكز الصحية والمستشفيات العادية والجامعية والعسكرية، وبرنامج تطوير القضاء والبيئة العدلية، وما ترتب على ذلك من تطورات إيجابية متعددة، والإنفاق الهائل على الخطط الإسكانية ومعالجة مشاكل الأراضي وارتفاعاتها السعرية، والتطوير الكبير في وسائل النقل كافة، وشبكة الخطوط من طرق وسكك حديدية ومطارات ومشاريع النقل الجماعي، ومشاريع تحقيق التعايش السلمي والحد من التعصب كمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني إلى غير ذلك من مشاريع الاستقرار والتنمية الهائلة التي نلمسها ونفخر وننعم بها جميعاً. كل من هو منصف يقول إن بلادنا في العقد الأخير أصبحت ورشة عمل لتنمية البنية التحتية، وكل القطاعات الاقتصادية والموارد البشرية الوطنية بشكل غير مسبوق إلا أنه وللأسف الشديد يسود النخب والرأي العام مزاج عام سلبي يغمض عن الإنجازات والتطورات ويركز على الإخفاقات والسلبيات وفي كثير من الأحيان يكون ذلك لأسباب مقارنية مع الدول المجاورة، فضلاً عن الدول المتقدمة من جهة نوع وتكاليف المشاريع ومدة إنجازها في ظل غياب للمعلومات الدقيقة بما يتيح للشائعات أن تنتشر وترسخ في أذهان الرأي العام سلبي المزاج. أذكر أن إحدى شركات تصنيع السيارات تفاخر بأن محركات سياراتها تم تطويرها لتحقق أعلى كفاءة في استخدام الوقود دون فاقد يذكر، وأجزم بأن هذا البيت القصيد فيما نحن فيه من مشاكل رغم التوجهات التنموية التي يرعاها ويأمر بها خادم الحرمين الشريفين ويحث الجميع على تنفيذ برامجها ومشاريعها وآلياتها دون أعذار ورغم الإنفاق الهائل عليها، حيث ضعف الكفاءة في الثالوث الخطير "التكلفة، الجودة، والوقت"، ولذلك مشاريعنا تكاليفها الأعلى وجودتها ضعيفة وزمن تنفيذها يكاد يكون مفتوحا رغم الادعاءات. كيف لنا أن نحقق فرحة ملكنا قائد نهضتنا التنموية بالإنجاز المُزمن عالي الجودة بتكاليف معيارية؟ وكيف لنا أن نجعل الإتقان القيمة المحورية، التي يتحلى بها كل مسؤول وموظف في خط إنتاج برامجنا ومشاريعنا التنموية؟ وكيف لنا أن نحول المزاج السلبي إلى إيجابي؟ وكيف نزرع الأمل بالتحول النوعي ونستنهض الهمم للعمل المتقن دون أعذار؟ أعتقد أن طرفي القضية وهي الأجهزة الحكومية المعنية بتنفيذ الخطط التنموية بجميع المجالات والشركات المقاولة المنفذة لن تستطيع معالجة أسباب ضعف الكفاءة، حيث الأموال الهائلة المهدرة والأوقات المفتوحة والجودة، التي لا تتلاءم وحجم الإنفاق والزمن والقدرات، وبالتالي يجب أن يكون هناك آلية أخرى ينشئها المجتمع برعاية القيادة رعاها الله لمعالجة قضية الكفاءة من جهة وتحقيق الإتقان الأمثل من الموارد البشرية الوطنية من جهة أخرى. الدولة بادرت بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي تعمل على حماية النزاهة ومكافحة الفساد في الأجهزة المشمولة باختصاصات الهيئة؛ لخلق بيئة عمل في تلك الأجهزة تتسم بالنزاهة، والشفافية، والصدق، والعدالة، والمساواة، ولكن وبكل تأكيد هذا لا يكفي فهي بنهاية الأمر جهة حكومية قد يصيبها ما يصيب الأجهزة الحكومية الأخرى، وبالتالي نحن في حاجة لجهد مجتمعي مقنن لرفع الكفاءة على أن يكون مكافحة الفساد أحد المسارات لتحقيقها وليس المسار الوحيد. أعتقد أن رجال الأعمال المخلصين الأوفياء الذين يعنيهم الاستقرار والتنمية بشكل كبير على أساس العدالة والمساواة، وفق معايير مرجعية دقيقة، حيث تنتعش أعمالهم في مثل هذه الأجواء، أقول أعتقد أنهم أفضل من يمكن أن يقترحوا صيغا لمؤسسات مجتمع مدني تلعب دورا كبيرا في معالجة مشكلة ضعف الكفاءة في تحقيق المنجزات، التي يتطلع لها خادم الحرمين الشريفين ومن وراءه شعبه الوفي المخلص. ختاما أتطلع أن يلتفت رجال الأعمال لدورهم المهم والحيوي في معالجة مشكلة كفاءة الأجهزة الحكومية في تنفيذ المشاريع ومشكلة الإتقان لدى المواطن والمسؤول في بلادنا واقتراح حلول ذكية عملية تدعم مسيرة الاستقرار والتنمية، التي يقودها خادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله ـــ لنجعل فرحة الإنجاز المتقن المزمن دائماً على محياه ومحيا أبناء الوطن كافة.
إنشرها