Author

تحجيم التعليم الموازي

|
قرار وزارة التعليم العالي بوقف الدعم المالي لبرامج الماجستير الموازي عدا المشمولة في القرار الملكي وعددها ثمانية تخصصات، وتحصيل الرسوم من 16 تخصصا آخر، يعتبر نكسة تضاف لبعض هفوات التعليم العالي، فالمفترض أنها هي التي تدعم جميع مسارات التعليم الناجحة، وتسعى لتقويم بقية البرامج الراكدة وشبه العقيمة. الوزارات من شأنها وضع الخطط الاستراتيجية ورفعها للمقام السامي لاعتمادها، وتقوم بدورها التالي بمراجعة هذه الخطط بشكل دوري للتقويم والتصحيح، حتى تثمر هذه الخطط مكاسب جديدة تضاف للتنمية الشاملة. وزارة التعليم العالي بدلاً من إيقاف بعض برامج التعليم الموازي، كان عليها دعمها وتشجيع جميع الكليات والجامعات السعودية على تثبيت البرامج الموازية والتوسع في الناجحة والمطلوبة منها لسوق العمل، وإضافة التخصصات التي تحتاج إليها جامعاتنا من أكاديميين، وكذلك احتياج القطاعين الحكومي والخاص، خاصة تخصصات توسعت فيها برامج الابتعاث الخارجي ولم تلتفت لها في المنح الداخلية. أعتقد أننا نحتاج إلى زيادة برامج التعليم العالي الاعتيادي والموازي، وزيادة أعداد القبول، والنظر في منح إضافية للراغبين في الدراسة في الجامعات الأهلية المحلية، ووضع خطة لافتتاح جامعات وكليات جديدة، والتركيز على التخصصات الحديثة لمرحلة البكالوريوس، وجميع التخصصات لمرحلتي الماجستير والدكتوراه، خصوصاً التي ما زالت غير متوافرة في جامعاتنا (العريقة)، والتخفيف عن برنامج الابتعاث بحيث يقتصر على التخصصات الفريدة التي يصعب تدريسها في السعودية مرحليا. أليس من الأفضل اقتصاديا واجتماعيا أن تستثمر مبالغ الابتعاث في بناء صروح علمية سعودية، يتم توظيف العاطلين فيها من حملة الشهادات العليا ومن دونهم أيضاً، وتطعيم هذه الجامعات بخبراء من الدول الأخرى سواء أكاديميين أو غير أكاديميين، بل واستقطاب الجامعات العربية والعالمية لافتتاح فروع لها في مدن المملكة، بعد اشتراط نسبة سعودة مناسبة ومعايير جودة مرتفعة لطرق التدريس، وكذلك جودة مخرجات أعلى من مخرجات الجامعات السعودية، وبذلك تستفيد من توظيف السعوديين واحتواء الراغبين في مواصلة الدراسات العليا في موطنهم وفي تخصصات مماثلة لبرنامج الابتعاث، وتضمن جودة مخرجات بنسبة مرتفعة ومرضية. أيضاً من المناسب الحديث عن التوسع في بعض التخصصات وتقليص البعض الآخر بناء على حاجة القطاع الخاص، فهو الطرف النهائي لما بعد عملية التعليم الجامعي والعالي، وذلك بإشراكه في اختيار التخصصات المناسبة لسوق العمل بدلا من الضغط عليه للقبول بخريجي الثانوية وخريجي الجامعات في تخصصات لا تناسب القطاع الخاص، هذا الضغط أسهم في استمرارية السعودة الوهمية وتوظيف آخرين في أعمال لا تتناسب مع ميولهم وقدراتهم، وبالتالي إعاقة وتفريط في مصدر من مصادر التنمية المهمة، وإعطاء ذريعة لرجال الأعمال للتوجه إلى الاستقدام من الخارج في جميع التخصصات كيفما اتفق. هل تهتم وزارة التعليم العالي بمعرفة نسبة استقدام حاملي الشهادات الجامعية والدراسات العليا؟ وهل يدرك رجال الأعمال وجود عشرات الآلاف من العاطلين الجامعيين وحملة الماجستير والدكتوراه من خريجي الجامعات السعودية ومن طلبة الابتعاث؟!! والله أعلم.
إنشرها