Author

مؤتمر الحرمين

|
يعيش المسلم القادم من خارج المملكة في مكة المكرمة والمدينة المنورة فرصة تاريخية لا تتاح وبالتأكيد لن تتكرر لكثيرين. ارتباط المسلم بهاتين المدينتين وحبهما الذي يلازمه من طفولته يجعل زيارتهما أكبر الآمال، فيخطط لها ويدفع الغالي والنفيس في سبيل تحقيقها. عندما نربط كل هذا بالأعداد الهائلة لمسلمي العالم وحالة التواصل التي حققتها وسائل النقل الحديثة، تصبح لدينا معادلة جد معقدة تستدعي تخطيطاً وإدارة فعالة ممن أوكل لهم الله أمر العناية بزوار وعمار هاتين البلدتين العظيمتين. يتضاعف التحدي مع وجود هذا الكم الكبير من محبي الخير وباذلي الأموال والوقت والجهد لتسهيل حياة الزوار والعمار. تناقل الجميع الإحصائيات التي أوصلت ما يصرف من الوجبات في الحرمين الشريفين إلى أكثر من ثلاثة ملايين وجبة يومياً خلال شهر رمضان. أوجد العنصران حالة من الاكتظاظ في الحرمين لم يكن لها مثيل في السنوات الماضية، بل إن الجهات الرسمية استمرت في نصح الناس بتأخير العمرة والزيارة وأداء الصلوات في المساجد القريبة، خصوصاً أن مكة المكرمة– بالذات- كلها حرم وأجر الصلاة في مساجدها تعادل أجر الصلاة في المسجد الحرام. عندما نقل لي أحد الزملاء مقطعاً يصور حالة المسجد الحرام ومسجد رسول الله عندما وصل عدد المعتكفين إلى التأثير على صلاة الناس وحرمانهم من أداء السنن أو مجرد الجلوس في مكان يقرأون فيه القرآن الكريم. رأيت أن من الضروري طرح موضوع كهذا لحوار علمي مقنن يوضح الأمور ويحفظ حرمة الحرمين وحق كل قاصديهما. نعم نحن في حاجة لدراسة الوضع في مؤتمر يضم كل المختصين يخلص لنتائج مادية تراعي كل العوامل المتعلقة بالحرمين، مؤتمر يعالج حالة الازدحام التي نراها تتضاعف كل عام. إن الوصول لنتائج في مجالات الشريعة والهندسة والإدارة تستدعي دراسة كل مكونات الإشكالية من بنية تحتية وإجراءات تنظيمية وقواعد شرعية تتيح الإصلاح وتمكن الجميع من الاستمتاع بالأيام التي يقضونها بين جنبات الحرمين. لعل أبسط الإجراءات تتركز على إعادة توزيع مواقع صرف الوجبات ومنع دخول الأطعمة والمشروبات للحرمين وإيجاد بنية قطارات أنفاق تسهل الوصول للحرمين وتمنع ازدحام السيارات وتقنن مواعيد الدخول والخروج من الحرمين، إضافة إلى تخصيص مواقع محددة لوجود المعتكفين داخل الحرمين وتكوين مسارات واضحة للحركة فيهما.
إنشرها