Author

ماذا أقول لهم بعد العيد؟

|
يعتقد كثير من الناس أن السفر للخارج في الإجازات أصبح ضرورة من ضرورات الحياة العصرية، بينما هو في الواقع من الكماليات التي يجب ألا تكون لها تلك الأهمية القصوى، بحيث نشعر بالحزن والألم والقهر لو لم تتسنَ لنا الفرصة للقيام به لأي سبب من الأسباب. جميل أن يسافر الإنسان إن تسنت له الفرصة لذلك، وكانت إمكاناته المادية وظروفه الأسرية تساعده على ذلك، يتعرف على حضارات أخرى، ويشاهد بلدانا تختلف في عاداتها ومناخها وأسواقها وطرقاتها وتراثها، ولكن الأجمل من ذلك أن يمتلك الرضا التام والقناعة الحقيقية بعدم ضرورة السفر إلَّم تتسنَ الفرصة، بسبب ميزانيته، أو ظرف ما يحول بينه وبين ذلك. بعض المفاهيم الخاطئة التي يجب أن نواجهها دون خجل، لأن عدم مواجهتها تترتب عليه نتائج سيئة، هي أن السفر للسياحة و"التمشي" ليس ضرورة ملحة لمن لا يملك ميزانية مادية تؤهله لأن يحزم أمتعته ويربط حزام الأمان نحو "لندن أو باريس أو تركيا" أو غيرها من الدول التي نسمع اسمها يتردد كثيرا على أفواه الموظفات، خصوصا وقت العودة للعمل بعد الإجازة، حيث يبلغ التباهي والتفاخر مداه بهذا الأمر، وكأنهن كما يقول المثل المصري "جاب الذيب من ذيله". ما دعاني لكتابة هذا المقال هو صرخة صادقة من موظفة تقول "تكفين أستاذة سلوى اكتبي عن موضة السفر للخارج اللي ذبحونا فيها، كل سنة أبحث عن عذر مختلف عشان أحفظ ماء وجهي أمام زميلاتي لما يسألوني ليش ما سافرتي هالسنة بعد؟". قلت لها: أنتِ أدرى الناس بظروفك ولست في حاجة لأن تبرري لإحداهن عن سفرك من عدمه! ردت عليّ بانكسار "بلاك والله ما تدرين كيف القهر لما تحسين إن الناس يسافرون ويجون وانت قاعدة مثل عسس الليل، بس ما ألومك أكيد إنك كل سنة من بلد للثاني". الأمر الذي أحزنني قرائي الأعزاء أنها أغلقت السماعة، وهي تبكي بحرقة دون أن تسمع جوابي، ولو انتظرت قليلا لأخبرتها بأنني طوال حياتي لم أسافر للخارج سوى للأردن لزيارة طفلي التوحدي، لكن الفرق بيني وبينها أني مؤمنة بداخلي بأنه ليس من حق الآخرين أن أقدم لهم تبريرات لأمور كمالية لا تعنيهم. وخزة أنت أدرى بظروفك وإمكاناتك، فكن صادقا مع نفسك ولا ترتدِ قناعا مزيفا لترضي الآخرين!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها