Author

استراتيجية الصرف في العيد .. والتحديات

|
حتى لو ذهبت كمية كبيرة من ريالاتك المصونة في أطباق الشوكلاتة الفاخرة أو تكاليف الفنادق المزعجة أو ما تظنه مبالغة في الشراء والصرف، أو طارت فجأة ولم ترها! فإن ردة فعلك الأولى يجب أن تكون ممتلئة بالبهجة والفرح. لم لا؟ فالعيد أحق أيام السنة بخروج الأموال وأنت راض عنها، سعيد بما تأتيك به، وفرح بما تفعله لك ولمن حولك. لم يتغير دور الأموال في العيد عن غيره من الأيام، مجرد وسيلة تحصل بها الغايات. ولا بأس أن نتذكر أن الأموال تحصل على أهميتها كوسيلة مفيدة باعتبار نظرتنا لها وليس بمقدارها أو ما تشتري لنا من أشياء. اليسير من الريالات يحرك من البهجة ما تسعه القلوب وأكثر، والمزيد من البهجة ــــ بعد ذلك ــــ تحركه القلوب ولو من غير ريالات. القاعدة الأولى في إدارة الأموال الشخصية هي أن نملك القدرة على التفريق بين وقت الجد "وشد الحزام" وبين وقت الأخذ والعطاء والاستمتاع والراحة، إذا اختلطت الأوقات فسدت الإدارة وضاع المجهود وعشنا أيامنا رمادية، لا بذل فيها ولا أخذ. والعيد كذلك، بمجرد بدء يومه الجميل يُعلَن وقت التمتع والبهجة، المحاسبة مؤجلة والشوائب تتبدل بالصفاء وتحفها العذوبة. لن يكون حينها من الذوق أو المروءة أن نوقف أمراً عند حده، أو نرمي تلك التعليقات التي نستمرئها في سائر الأيام ونصد بها مطالبة صغير أو رغبة عزيز. قد يقول أحدهم للسلوكيات أيام العيد ضوابط وآداب. وهذا صحيح دون أدنى شك، فلا تبذير ولا تقتير واجتناب كل منبوذ وضار واجب وأكيد. غير أن إدارة الأموال في هذا النطاق الزمني الضيق انتهت فعلياً وبات الأمر مجرد تعاطٍ مع نتائج ما فعلناه في الأيام والأسابيع الفائتة. فرصة التخطيط انتهت، وفرصة توزيع المصروفات وتمرير تلك الاتفاقيات الصغيرة والمهمة بين أفراد الأسرة عبرت بلا رجعة. مالياً هي أيام حصاد، وقبل ذلك هي أيام بهجة وسعادة. من خطط ونجح في إدارة أمواله وأموال أسرته لهذه الأيام المهمة وعاد عليهم بما يزيد من بهجتهم وسعادتهم يعيش عيدين وليس عيداً واحداً فقط، وأما من فشل وشعر بهول المفاجأة أو تعاسة الورطة فنقول له ترفق بنفسك و"عديها". عيدك مستحق والبهجة محفوظة لك ولمن تحب فلا تفرط بما تملك. تمتع بأيام العيد وشارك أهلك وأصدقاءك بهجة اللقاء والتواصل، وهذه أكبر قيمة تعطيها لنفسك وإن فقدت ــــ أو فشلت في إدارة ــــ مصادرك المادية الأخرى. تنحصر نتائج إدارة الدخل يوم العيد بين حسن إدارة مالية تضاعف لنا السعادة والبهجة، أو درس لطيف ومؤثر يلحق قدرنا من البهجة في هذا اليوم. يتمحور هذا الدرس في معظم أشكاله حول حسن التخطيط وتقدير الإمكانات وأهمية التواصل مع أفراد الأسرة؛ بمثل هذه الأمور نسيطر على إدارة أموالنا للمناسبات والأيام المهمة، وهي متكررة بلا شك وتستحق منا هذا الاهتمام وأكثر. ستطير الريالات شئنا أم أبينا، في العيد وغير العيد، إلا أن موسم العيد يزيد من حيويتها ويعجل برحيل بعضها من أعشاشها التي نكدّ ونبنيها لها. الأموال لن تبقى لأحد وستغادرنا ونحن تعساء أو فرحون، ولكن أثرها الذي يبقى كالهدايا والعيديات وما يرافقهم من كلماتٍ لطيفة تبقى ولا تغادر أرواحنا وأرواح من نهديهم إياها. من يرتب أموره ويديرها وهو متوشح بالرضا ومكتسٍ بالفرح سيرى طيف الريالات يرفرف في العيون المتلألئة من حوله، مزخرفةً للجميع أجواء العيد الجميلة، وكل عام وأنتم بخير.
إنشرها