أخبار اقتصادية

ارتفاع الكاكاو 45 % يهدّد بزيادة أسعار الشوكولاتة العالمية

ارتفاع الكاكاو 45 % يهدّد بزيادة أسعار الشوكولاتة العالمية

على مدار العامين الماضيين واصلت أسعار الكاكاو ارتفاعها، إلا أن هذه الزيادة لم تؤثر في أسعار الشوكولاتة، إذ حافظت على استقراراها دون زيادة أو نقصان، لكن الوضع يتغير الآن ليصبح عنوان المرحلة المقبلة خبراً غير سار لمُحبي الشوكولاتة ، فالأسعار بدأت بالارتفاع. وأولى بدايات الإعلان عن ارتفاع الأسعار، جاء من قبل عملاق صناعة الشوكولاتة في أمريكا شركة "هرشي" لصناعة الحلويات، فقد برّر بيان منسوب للشركة إقدامها على تلك الخطوة، بتعويض الارتفاع المتواصل منذ بداية العام في أسعار مكونات صناعة الشوكولاتة، وخاصة الكاكاو. ويقدر حجم صناعة الشوكولاتة في العالم بنحو 83 مليار دولار أمريكي، ووفقاً لتقرير البنك الدولي، فإن قيمة صناعة الشوكولاتة على المستوى العالمي تفوق الناتج المحلي الإجمالي لـ 130 دولة. وتشير منظمة الكاكاو الدولية، إلى أن أوروبا تستهلك بمفردها نحو نصف الإنتاج العالمي من الشوكولاتة، حيث يبلغ متوسط استهلاك المواطن السويسري أو الألماني نحو 11 كيلو جراماً سنوياً، ومن المتوقع أن يبلغ سعر كيلو الشوكولاتة هذا العام نحو 12.62 دولار تقريباً، بزيادة تقدّر بـ 2 في المائة عن العام الماضي، وبما يقدّر بـ 18 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية، وسط توقعات بأن يحقق الاستهلاك العالمي من الشوكولاتة هذا العام أرقاماً قياسية قد تبلغ 7.5 مليون طن متري. ويشير لـ "الاقتصادية" توم فولي من الغرفة التجارية البريطانية، إلى أن أسعار الكاكاو ارتفعت منذ بداية العام الماضي حتى الآن بنحو 45 في المائة، وخلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي ارتفعت الأسعار بنحو 8 في المائة؛ مضيفاً أن عوامل مثل التقلبات المناخية والاضطرابات السياسية في بلدان غرب إفريقيا التي تنتج نحو 70 في المائة من الكاكاو، تؤثر بشدة في أسعار محصول الكاكاو، إلا أن شركات إنتاج الشوكولاتة نادراً ما تعكس ذلك في تقلبات سعرية لمنتجاتها، على أساس أن الأسعار تتوازن ارتفاعاً وانخفاضاً على الأمد الطويل لكن هذا تغيّر الآن. وتوحي تعليقات توم فولي بأن أسعار الشوكولاتة ستشهد ارتفاعاً متواصلاً في الفترات المقبلة، فالزيادة الراهنة في أسعار المادة الأساسية لإنتاج الشوكولاتة "الكاكاو"، لا تعود لأسباب تتعلق بانخفاض الإنتاج، وإنما لزيادة الطلب العالمي على الشوكولاتة، في الوقت الذي تفلح فيه زيادة الإنتاج العالمي من الكاكاو في تلبية الطلب المتزايد عليه. وتعود زيادة الطلب العالمي على الشوكولاتة إلى مجموعة من العوامل المتشابكة تفصلها لـ "الاقتصادية"، ألين رايد أحد منتجي ومصدّري الشوكولاتة البريطانيين، بالقول: إن الهند والصين والبرازيل وروسيا وعديداً من البلدان الإفريقية زاد طلبها على الشوكولاتة بمعدلات غير مسبوقة، ليس فقط لزيادة عدد السكان، وإنما أيضاً لارتفاع مستوى المعيشة، فعلى سبيل المثال فإن الصينيين يستهلكون من الشوكولاتة ضعف ما اعتادوا استهلاكه قبل 12 عاما، وقطاع إنتاج الحلويات في الصين، وخاصة الشوكولاتة، يعد الأسرع نمواً حتى لما بعد عام 2016. وأشارت إلى أنه على الجانب الآخر هناك تحديات متزايدة تواجه إنتاج الكاكاو في العالم، فهناك حالة من النفور من قبل الأجيال الشابة في بلدان غرب إفريقيا من العمل في هذا المجال، نظراً لانخفاض المردود المالي الذي يحصلون عليه مقابل ما يبذلونه من مجهود. وعلى الرغم من مواصلة سويسرا الاحتفاظ بموقعها المميز في عالم الشوكولاتة، باعتبارها أولى دول العالم وفقاً لمعدل استهلاك الفرد، وسط توقعات بأن يرتفع هذا المعدل خلال العام الراهن بنحو 1.5 في المائة، فإن نصيب الاقتصادات الناشئة والنامية من استهلاك الشوكولاتة قفز خلال عقد واحد من 33 في المائة إلى 45 في المائة حالياً. وتكشف هذه الزيادة تغيرات في الذوق الاستهلاكي في بلدان، مثل الصين والهند، فبعكس أوروبا حيث الشوكولاتة تعد رمزاً لتناول "الحلويات"، فإن الثقافة التقليدية في الهند والصين لا تربط كثيرا بين تناول الشوكولاتة والحلويات. وتظهر الدراسات زيادة في تحول الشوكولاتة من سلعة ترفيهية في بلدان العالم الثالث إلى سلعة تدخل ضمن الاستهلاك اليومي، وأسهم تطور وسائل النقل والتخزين بشكل كبير في توسيع نطاق التوزيع والوصول للمناطق النائية واستكشاف أسواق جديدة واعدة. وشجّع هذا التفاؤل بشأن زيادة الطلب العالمي على الكاكاو، وقناعة صُناع الشوكولاتة في العالم، بأن المستهلكين سيكونون قادرين على هضم الزيادة السعرية، ما شجّع عديداً من كبريات صناديق التحوط والشركات العاملة في مجال إدارة الأصول وغيرها من كبار المجموعات الاستثمارية، على تعزيز رهاناتها على أسوق الكاكاو والحلويات. وكانت مجموعة "سي إف جي" لإدارة الأصول التي تدير أصولاً بقيمة 335 مليون دولار، قد قامت بشراء أسهم في بورصة الكاكاو، وصرح مايور بهارجافا المدير العام لفرع شركة نستله في الهند قائلا، إنه إذا كان 8 أو 9 أشخاص من بين كل 10 مواطنين هنود لم يتناولوا الشوكولاتة، فإن هذا يمنحنا مؤشراً على الآفاق الواعدة للنمو، متوقعاً أن ينمو معدل المبيعات في الهند هذا العام بنحو 14 في المائة، بينما قفزت الصين من المرتبة العاشرة على مستوى العالم في استهلاك الشوكولاتة عام 2010 إلى المرتبة الثامنة حالياً. ويضع عديد من الاقتصاديين الشوكولاتة ضمن ما يُعرف بمجموعة السلع غير المرنة، وهو ما يعني أن ارتفاع الأسعار لا يمنع المستهلك من مواصلة الاستمتاع باستهلاكها، ويفسر ذلك الأداء الجيد للشركات المنتجة للحلويات، وخاصة الشوكولاتة خلال السنوات العنيفة للأزمة الاقتصادية، فعلى سبيل المثال، زادت قيمة أسهم شركة هرشي خلال السنوات الخمس الماضية بنحو الضعف تقريباً. وتشير البيانات الصادرة عن الرابطة الوطنية الأمريكية للحلويات، إلى حالة عدم المرونة التي تتمتع بها الشوكولاتة كسلعة، إذ أظهرت البيانات أن كمية الكاكاو التي تمت معالجتها، التي تعطي مؤشراً عن كمية الشوكولاتة المنتجة، وصلت إلى مستويات قياسية خلال الربع الثاني من العام الحالي، رغم الاتجاه إلى رفع أسعار الشوكولاتة. ومع ارتفاع الأسعار، فإن الأسواق الأمريكية تشهد حرباً طاحنة بين كبريات الشركات، وفي مقدمتها "هرشي" و"مارس"؛ بغية السيطرة على الأسواق الأمريكية، التي يبلغ استهلاكها السنوي من الحلويات، وفي مقدمتها الشوكولاتة، نحو ثمانية مليارات دولار أمريكي. وكانت شركة مارس قد استطعت لسنوات أن تحتل مقدمة الشركات الأمريكية في إنتاج الشوكولاتة، إلا أن "هرشي" أفلحت عبر مجموعة جديدة من المنتجات، وحملة إعلانية مكثفة، في الاندفاع مجدداً إلى الصفوف الأولى لتصبح المنافسة بين العملاقتين "هرشي" و"مارس" على أشدها الآن حول التي ستتبوأ المركز الأول.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية