Author

قصة عادل باختصار

|
ذكرني أستاذي الفاضل الدكتور محمد القنيبط أن حلقات قصتي عن الشاب السعودي "عادل" وصلت سبع حلقات، وهو ما لم أتوقعه عندما بدأت كتابتها. أردت من القصة التذكير بما نعيشه من جِدَةٍ وراحة بال، لا تنغصها الضرائب التي تقصم رواتب من يعيشون في أغنى دول العالم. تحولنا إلى مجموعة من البسطاء. بساطة التفكير والاعتقاد بأن الأمور سهلة ويسيرة هو ما يجعلنا أقل حرصاً على توجيه إنفاقنا، والاستعداد لصعوبات مالية قد تأتي. انعدم لدى أغلبنا التخطيط، وظهرت حالات "الطفر" التي ترافق نهاية كل شهر لدى أغلب السعوديين. عاش عادل في أمريكا بمعايير السعودية. المكافأة التي كانت تصرف له، لم يدفع مقابلها ضريبة. الكتب والرسوم الدراسية كانت مدفوعة كذلك. هل كان عادل على حق، وهو يعيش هناك بمعايير بلده الأم؟ سؤال يمكن أن تختلف الإجابة عنه، لولا أن عادل تزوج من أمريكية أنجبت منه ابناً. ينهي موقف كهذا حالة البساطة الفكرية التي سيطرت وتسيطر على أبنائنا وعلينا نحن الكبار. قرار له تبعات لا بد أن يواجهها عادل، عندما يحن لرؤية ابنه، فيكتشف أن زواجه منحه الجواز الأزرق، لكنه يأتي ومعه التزاماته. يسمونه قسم الولاء للاتحاد، وهو ما يطالب به المواطن الأمريكي، ومن الولاء دفع ما عليك من الالتزامات بدءاً بضريبة الدخل. أدرك عادل ذلك عندما وطأت قدمه أرض نيويورك بعد سبع سنوات من انتهاء بعثته، قضية التهرب الضريبي كانت في انتظاره. عندما ذهب لرؤية ابنه وجد أمامه قضية ثانية، إذ ليس من حقه أن يطلق المرأة ويذهب في حاله. إنه مطالب بدفع نصف ما يملك لها، ومطالب بأن يدفع مبالغ الحضانة، وممنوع من أخذ ابنه خارج أمريكا، أو حتى الجلوس معه دون رقابة. الأمر الأهم الذي لم ينتبه له عادل هو أنه من الشرق الأوسط، وهي بلاد تضع تحتها الدوائر الأمنية الأمريكية عشرات الخطوط الحمراء. تنقلاته ومكالماته وأمواله وأصحابه كلها مراقبة. كل كلمة قالها كانت تفسر وتقرأ بمفهوم الإرهاب الدولي. عندما تعاظمت الشكوك بوصول صديقه فراس حاملاً أموال قضية التهرب الضريبي، تأكد الأمريكان أنه هنا لتنفيذ عمل إرهابي، فتصرفوا بسرعة، وفق أسوأ التوقعات، وأودعوه المعتقل، وصديقه السجن.
إنشرها