أيها الغالي العزيز ..

أيها الغالي العزيز ..

أيها الغالي العزيز : مسني وقلبي الضر بفراقك.. وإنا على رحيلك لمحزونون،يا أيها المتسربل عزة، المتشبع أنفة، المتفضل رفعة وشموخاً، وضاء الوجه، مشرق الجبين، أفتني في نار أحر من الجحيم، وأخفى من دبيب النملة السوداء على صخرة ملساء في ليل بهيم، يشتعل بين جنبيَ تنورها، وتتقد نيرانها، ولا من آس ولا دواء، لا تجعلني أطمئن على أرض ولا أتأمل بسماء.. أفتني في دمعات مسكوبات على خد حزين، يأكلن البسمة والراحة والسكينة ويخلفن عظامها للزمان. أفتني في شك يبزغ من ظلمات اليقين .. أأنت رحلت ؟ لا أظن بأنك فعلت ! .. ولا أظن بأن تلك الأرض قادرة أن تضمك بين جنباتها دون ان تترك لي منك القليل .. كيف ترحل وانت لا تزال تحلق فوق مروجي وتبذر سنابلها .. لا زلت تزرع بذور الأمل لأقطف ثمارها .. ولا زالت ذكراك تقف على شباكي مرتعشة.. وعصافير أحلامك تنتحب على أغصان الغياب باكية ..لا زالت ثيابك معلقة على أوتار الانتظار ترقب رجوعك .. و لا زال مقعدك فارغا يحن إلى هيبة حضورك .. ولا يزال جزءا مفقودا من روحي قد اندثر تحت أرض الفراق لا يعيده سوى رجوعك .. رجوعك أنت فقط .. أنت من كان وجودك معي سببا لاستمرار حياتي.، حيث كنت أغتسل بدعائك من ذنوبي.. حيث كنت أراك في الضوء.. في شمس الرياض الحارق، في المساحة التي تفصل بين الروح والجسد.. كنت تزرع. الإيمان واليقين داخلي..كنت تسقيني حب الناس.. حب الأرض.. حب الآخر.. تعلمت منك كل أنواع المحبة.. قرأت في ملامح وجهك كل صور التسامح .. تعلمت منك أن أكون الإنسانة التي أريد.. في آخر مرة رأيتك فيها ، كنت أرى في وجهك كل جمال التاريخ، ووحشة المستقبل. كنتُ أتساءل كيف لي أن أرى مرآة الغد في وجهك بعد اليوم.. كنت أتساءل من سيقاسمني ذكراك.. من سيطل علي إذا مرضت..ومن سيمسح دموعي إذا قهرت؟؟ أبتااااه.. من أين لي بعدك بدعوات أغسل بها ظلمة روحي؟ من أين لي ولأهل حيك بوجه بشوش بعدك؟ من سيوزع عليهم بعدك عناقيد الحب وخبز المحبة؟ أبتااااه.. فجر الأربعاء تعلق برحم الموت، الشمس لم تغادر خدرها ذلك اليوم، الكواكب تهاوت على رأسي في تلك الساعة، والأرض أصبحت دائرة كبيرة للألم، السماء استحالت إلى موجة من النقع.. الضوء مختفي في مكان ما.. بل حمل معك إلى حيث قبرك.. فلا ضوء بعدك ينير ظلمة الطريق إلى روحي .. فأنت روحي وأنت آخر ضوء السنين. مرت أعوام و لم أشأ أن أرثيك حتى لا تستحيل الكلمات نزفا .. فضلتُ أن أبعث لك رسائل تختصر المسافات بيني وبينك.. كلمات بعيدة عن إرهاق وتر المودة و توهان المشاعر.. فأنت وحدك اللغة التي تعلمتها وزينت بها قاموس حياتي.. ها هي الأيام تمر وقد حال الفراق بيني وبينك، وإحساسك متوسد بأوراق حزني القديمة.. مرت الأيام وأنا أتخضب بذكراك دموعي التي ما زالت بعيني مقيمة.. و روحك التي لا زالت على قيدي تشعرني بأنك معي دائما ،، حقا اشتقت ،، اشتقت لضمك و تقبيل رأسك الشامخ الكريم ،، هاهما التراب و الحجر باتا أوفى مني إليك ، ها أنت بت تتوسد أحدهما و تلتحف الآخر و أنا هنا وحدي أرقب صبيحة يوم العيد لأقبل حجرا و أبث لك تحياتي مع رذاذ التراب، أبتاه ،، كل عام وعيدك في الجنة أجمل.
إنشرها

أضف تعليق