منوعات

«جرذان الصحراء» .. خيبة أمل للمشاهد

«جرذان الصحراء» .. خيبة أمل للمشاهد

«جرذان الصحراء» .. خيبة أمل للمشاهد

حالة من الاستياء والتذمر تسيطر على كثير ممَّن تابعوا المسلسل السعودي "جرذان الصحراء"، على فضائية روتانا خليجية. فبعد الترقب والانتظار للعمل السعودي الأضخم لهذا الموسم، كما وصفه القائمون عليه، أُصيب المشاهد بخيبة أمل، خاصة فئة الشباب الذين رفضوا العمل رفضا قاطعاً؛ بل وصل الأمر إلى المطالبة بوقف عرضه، بعد أن وصفوه بــ "المسخرة" الدرامية الهابطة؛ ناهيك عن حواره المهلهل. هذا العمل يُظهر المجتمع المحلي السعودي بصورة سيئة، ويعمّم التصرف الشائن على الجميع، فالعمل لم يُجسد الواقعية في حالات بعينها وإنما تداخلت الأحداث بطريقة فظة وغليظة جعلت من المسلسل مجالا خصبا للقيل والقال والتساؤل عن القصد الحقيقي من العرض والترويج لتلك النماذج التي اجتمعت على تصرفات بعينها ما بين وصولية وانتهازية واستهتار مُتعمّد، مَن المقصود إذن من هذه المهزلة الدرامية التي تُنَاقش في عمل فني يرصد عادات مجتمع محافظ؟ #2# لا أحد ينكر أن الدراما العربية تحاول خوض الواقعية بمناقشة أحداث فعلية، ومن زاوية فنية، فتعرض مشكلة ما على مدار حلقات يتفاعل معها المشاهد ومن ثَم البحث عن حل جذري أو بالأحرى ترك الحل لمسؤوليه بعد تعرية الواقع المرير، هذا هو المَسلك الدرامي الطبيعي لما نُشاهده أحياناً في الدراما المصرية أو الخليجية أو حتى الشامية، أما الحالة المستعصية المليئة بالفساد التي يعرضها جرذان الصحراء فليست بمشكلة يُبحث لها عن حل، ولكنها صفات اجتمعت في أبطال العمل كافة، فهم يعيشون بمنطق التحدي، الباطل فقط كل ما يريدونه، النزوات هي التي تحكمهم، فلا توجد مشكلة نطالب المسؤولين بحلها، لكنه عرض لأسلوب حياة يحتاج إلى مسؤول أخلاقي يُصلح ما فعله النص الدرامي الركيك المبتذل. الغريب في الأمر أن صُناع العمل لم يحاولوا تفسير هذه الحالة الفنية للجمهور أو تدارك الوضع أو حتى بعض التغييرات في العمل الدرامي، فالحلقات تسير إلى الآن على وتيرة واحدة لا تغيير سوى بعض الأحداث الثانوية التي لا تُظهر المغزى الحقيقي من المسلسل الذي كتبه عبد الله بخيت، ومن إنتاج وبطولة الفنان السعودي عبد الله العامر، أما من ناحية اسم العمل فقد جاء محملاً بالكثير من الامتعاض؛ ما سبّب حالة من الاعتراض عليه منذ بداية عرضه، فهل المقصد من الاسم هو المُسمّى الحركي لأفراد الجيش الثامن البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية الذي اشتهر أفراد هذا الجيش بفوضويتهم أم أنها محاولات للتشبه بالعمل الدرامي السعودي الذي عرض على أجزاء عدة منذ سنوات "هوامير الصحراء" ويضم فريق العمل نفسه تقريباً وحقق نسب مشاهدة في حينها لا بأس بها؛ لتطرقه لأحداث اعتبرت في حينها شيقة ومثيرة، ولكن هنا اختلف الأمر، فطبيعة العرض لم تجانب الصواب هذه المرة؛ بل استفزت المشاهدين الخليجيين بالتحديد حيث ظهر القائمون على العمل في السياق الدرامي بأعراض طمع ومجون، إضافة إلى رصد بعض الأخطاء الفنية الأخرى، ومن أهمها تضارب اللهجات عند بعض الفنانين الخليجين المجتمعين في المسلسل، وأبطاله: غازي حسين ورؤى الصبان وهدى الخطيب وسعد خضر ومهند بن هزيل وسعيد قريش وريماس منصور وحمد المزيني ومنيرة التونسية وغزلان ناصر ونور حسين وليلى السويكر وفجر عبد اللطيف، لذلك لم يتقبلهم المشاهد السعودي بصدر رحب؛ لأن العمل ببساطة لم يلامس واقعهم في جوانب عدة، وكأنهم يشاهدون دراما استيراد عادات غريبة وإن كانت واقعاً فهي ليست بهذا الشكل، فاللهجات القادمة من دول مجلس التعاون الخليجي وبعض دول المغرب العربي جعلت العمل لم يعد مقصورا على السعوديين فقط، وهنا مربط الفرس الذي استنفد صبرهم ودعاهم يقولون لماذا السعوديون؟ بمعنى أننا نجمع الفنانين العرب تحت سقف عمل واحد ونفرقهم في مناقشة المشكلات، وهذا ما يجعلنا نجزم بأن ثمة تناقضاً واضحاً يجده المشاهد في "جرذان الصحراء" مع الأخطاء الجسيمة التي لا يمكن الصمت أمامها ويكفي اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي الرافضة للعمل التي تطالب بعدم مشاهدته ووقف عرض تلك المهزلة؛ بل أطلقوا سهامهم على الفضائية التي يعرض عليها كونها سعودية وأجازت عرضه على شاشتها، على العكس تماما ممّن اعترض على العمل هناك مَن أيّده بحجة أنه يسير في الطريق الصحيح طالما اجتمع على إدانته الكثير، وأضافت تلك الآراء أن أفراد المجتمعات الخليجية ليسوا جميعا ملائكة منزهين من الخطأ، لكنهم يرفضون المواجهة لأنها مجتمعات رافضة لأي انتقادات، والغريب في الأمر أن بعضهم وصف العمل بالناجح بسبب تصدره الأخبار وإثارته الحوارات بغض النظر عن جودته ومضمونه، لكنه - على حد تعبيرهم - نجح تجاريا. يبقي أن ندون نصيحة لصُناع الدراما ابتعدوا عن النمطية في العرض وحاولوا الاقتراب من التسلسل الدرامي الطبيعي وليس المهلهل، كما نشاهده الآن والعمل على الجوانب الفنية الثرية والبُعد عن الاستعراض في المشاهد والحوارات البذيئة، هكذا تكون وصفة لبداية طريق النجاح.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من منوعات