Author

الاستقدام والحاجة إلى قواعد ملزمة للسلوك المهني

|
أنهت اللجنة الوطنية للاستقدام انتخاباتها التي من المتوقع أن تدفع بدماء جديدة إلى اللجنة التي فقدت الكثير من بريقها مع الأزمات التي أصابت سوق العمالة في المملكة بشكل عام والمنزلية على وجه الخصوص، فاللجنة التي غرقت إلى أذنيها في مشكلات تفاوضية مع الدول التي تصدر العمالة للمملكة، لم تستطع أن تقدم نفسها بشكل جيد ومقنع لحل المشكلات القائمة من قبل أو المشكلات التي استجدت، فبرغم ارتفاع أسعار الاستقدام بشكل لافت جدا، وارتفاع الأجور، ومع أن المملكة لم تزل جاذبة اقتصاديا وأمنيا للعمالة الأجنبية من كل مكان في العالم، فضلا عن الجاذبية الدينية للانتقال إليها من عمال العالم الإسلامي، مع ذلك كله تعرضت عملية الاستقدام والتفاوض حولها إلى نكسات كبيرة وأقفلت الأسواق أمام طلبات العمل في المملكة، وانتهت المفاوضات الصعبة إلى حلول باهتة جدا لم تزد الموضوع إلا تأزما، ثم تحول الاستقدام إلى سوق سوداء ضخمة، وأصبح هناك من لديه أكثر من عاملة منزلية في الوقت نفسه ويتاجر بالكفالة، وهناك من يحتاج إلى عاملة بشكل ملح لخصوصيات أسرية، ويضطر لدفع مبالغ طائلة من أجل نزع كفالة خادمة من سماسرة الكفالات. لم تستطع اللجنة الوطنية للاستقدام وهي تتعامل مع مكاتب الاستقدام في المملكة أن تقدم حلولا واضحة لكل هذه المشكلات، وهذا ما جعل الكثير يفقد الثقة بدورها وقدرتها على تحقيق اتفاق ملزم بين المكاتب الوطنية. من المؤمل إذا في اللجنة الوطنية للاستقدام خلال أعمال الدورة الجديدة أن تقر مجموعة من قواعد السلوك المهني، ومعايير أداء عامة بين جميع أصحاب المكاتب الأهلية في المملكة وخاصة مع بدء الشركات في تقديم خدمات تأجير العمالة، وأن تمارس ضغطا واضحا على أي مكتب يخالف تلك القواعد والأخلاق وأن توقع عليه عقوبات تصل إلى حد طلب تعليق عضويته في اللجنة والغرفة التجارية تماما وتعطيل أعماله بناء على ذلك، إذا لم تستطع أن اللجنة تحقق مثل هذه الخطوات المهنية المهمة بين المكاتب المحلية، فإن الظواهر السلبية ستزداد سوءا، وخاصة المزايدات على نقل الكفالة وظاهرة هروب العمالة وتأجيرها غير القانوني ومن منازل مشبوهة. فدور اللجنة الطبيعي وهو إصلاح السوق من جانب العرض، وأن تعمل جاهدة على إيجاد تنوع وجودة مناسبة وأن تعمل على المحافظة على مستويات أسعار تبقي الطلب فعالا وتحقق مستويات دخل مناسبة للعاملين في القطاع. وكل ذلك يتحقق فقط إذا عرفت اللجنة دورها الحقيقي ومارسته بكل شفافية ولم تتهرب من مسؤولياتها وتلقي بها على الآخرين. فليس من المناسب أبدا أن تحمل اللجنة التذبذب في أسعار الاستقدام بين المكاتب والارتفاع المتواصل وغير المنطقي، بل غير المتناسب مع حجم الخدمة المقدمة، تحمل كل تلك المسؤولية للمواطن وجهله بالآلية الصحيحة للاستقدام، ذلك أن توضيح هذه الآلية للمواطن هو الدور الحقيقي للجنة، فيجب أن يكون لدى اللجنة معايير أساسية واضحة للاستقدام تقلل من التفاوت في الخدمات بين المكاتب، والالتزام بهذه المعايير هو الذي سيحل مشكلة المواطن الذي يلجأ لاستقدام العمالة المنزلية بنفسه أو يلجأ لتجار الشنطة. فالمعلوم في الاقتصاد بالضرورة أن العوائق الوهمية أمام العمل التجاري تتسبب حتما في نشاط السوق السوداء، ولأن العوائق الآن وهمية أمام الاستقدام فقط، نشأت سوق سوداء ضخمة للاستقدام وتسببت في فوضى عامة في السوق وارتفعت الأسعار بشكل كبير غير مبرر.
إنشرها