ياسر الدوسري إمام جامع «الدخيل»: لا أستمع لتلاواتي إلا عند المونتاج

ياسر الدوسري إمام جامع «الدخيل»: لا أستمع لتلاواتي إلا عند المونتاج

بدأ الإمامة في سن الخامسة عشرة في مسجد صغير لم يكن رسمياً، وبعدها بثلاثة أعوام عُيِّن رسمياً إماماً لأحد المساجد في الرياض .. تعلّم تلاوة القرآن عن طريق عدد من المشايخ المشهورين أمثال محمد تميم الزعبي، وإبراهيم الأخضر، وبكري الطرابيشي صاحب أعلى إسناد في العالم حينها، وحصل على الدكتوراه الشهر الماضي من المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية واُختير عضو هيئة التدريس في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك سعود، أجمع العلماء والمشايخ على تلاوته الحسنة والجميلة للقرآن؛ دليل ذلك تدافع أكثر من 7500 مصلٍ وحرصهم على الحضور مبكراً لحجز موقع لأداء صلاة التراويح، كما يصل العدد إلى 10 آلاف مصل في العشر الأواخر من رمضان. الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري إمام وخطيب جامع “الدخيل” - شرق الرياض، حاورته “الاقتصادية” أمس الأول عقب صلاة التراويح. حدّثنا عن حياتك الشخصية، وكيف كانت بدايات الشيخ ياسر في حياته العلمية والعملية، وكيف وصل إلى الإمامة؟ بدأت حياتي مع القرآن في الصف السادس الابتدائي حينما طلبت من الوالد أن يشتري لي حاسباً آلياً، فاشترط والدي – يرحمه الله - أن أحفظ جزء "عم" مقابل ذلك، وبالفعل حفظته للحصول على ما أريد، وكانت هذه الانطلاقة الحقيقية لي في حفظ كتاب الله - سبحانه وتعالى -، حيث ألحقني والدي بمدارس تحفيظ القرآن الكريم الحكومية التابعة لوزارة المعارف حينذاك، وعشت مع هذه المدارس حتى أتممت حفظ القرآن في الثالث المتوسط، ووفقني الله تعالى، بأن توليت الإمامة وعمري نحو 15 عاماً، وأكملت هذا العام 19 عاماً فيها، وفي تلك الفترة قرأت على جمع من المشايخ الكرام، أمثال: الشيخ محمد بن عمر سكر، والشيخ بكر الطرابيشي صاحب أعلى إسناد في العالم، والشيخ سعد السنبل، والشيخ أحمد خليل شاهين، والشيخ محمد الزعبي، وشيخ القرّاء في المسجد النبوي الشريف إبراهيم الأخضر، والدكتور عبد الله الجار الله، وما زلت حتى اليوم في طور القراءة على المشايخ الكبار. أما الجانب العلمي فقد حصلت على شهادة البكالوريوس عام 1423 من كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم انقطعت عن إكمال الدراسات العليا مدة سبع سنوات، ثم حصلت بعد ذلك على شهادة الماجستير عام 1430 من المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام، ثم حصلت على الدكتوراه الشهر الماضي من المعهد العالي للقضاء بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى بالجامعة نفسها، وحالياً أعمل عضواً في هيئة تدريس جامعة الملك سعود في قسم الدراسات الإسلامية. حصلت على الشهادات العليا من جامعة الإمام محمد بن سعود، ولكنك تدرس في جامعة الملك سعود، ألم ينتقدك زملاؤك على هذا؟ كل ما في الأمر أنها كانت فرصة، بعد أن درست في جامعة الإمام، وكنت أعمل أمين جمعية الأمير سلطان لتحفيظ القرآن في وزارة الدفاع، وفي تلك الفترة حصل لقاء بيني وبين مدير جامعة الملك سعود السابق الدكتور عبد الله العثمان - حفظه الله -، وعرض عليّ أن ألتحق بالجامعة، وفي الحقيقة جامعة الملك سعود معروفة بأنها من أعرق الجامعات في السعودية، ويفخر كل إنسان بالعمل فيها والانتماء إليها. لاحظت أن أغلب مََن قرأت عليهم كانوا من مصر وسورية، هل تميزوا في القراءات عن نظرائهم في السعودية؟ السعوديون في الحقيقة لم يتميزوا في إقراء القرآن إلا في العشرين سنة الأخيرة في التسعينيات تقريباً والله أعلم، أما المقرؤون الذين يعتبرون قبلة الإقراء في العالم فأغلبهم وإن كانوا يعيشون في السعودية، إلا أنهم من مصر ومن سورية ومن باكستان ومن غيرها، لذلك تجد عندنا أن الإقراء أصبح على شكل مدارس أمثال المدرسة المصرية والمدرسة الشامية والمدرسة الباكستانية، وأكثر الذين تميّزوا من السعوديين؛ إن لم يكن كلهم قد درسوا وتعلموا على أيدي تلك المدارس، وهكذا العلوم رحالة، وكل بلد يبرز في علوم، فالسعودية مثلا تميزت في علم العقيدة وفي الفقه وفي الفترة الأخيرة في القرآن، والمغرب العربي مثلا تميّز في الفقه المالكي وهكذا. قلت إنك بدأت في الإمامة وأنت ابن 15 عاماً، هل كان ذلك مقبولاً ودارجاً في ذلك الوقت؟ من النادر في تلك الفترة أن تجد إماماً في سن 15، لكن المسجد كان صغيراًً ومؤقتاًً، ولم يكن المسجد رسمياً، وبعد قرابة ثلاث سنوات ترسمت إماماً رسمياً من قِبل وزارة الشؤون الإسلامية في مسجد آخر، وذلك لكون إكمال سن الـ 18 عاماً يعتبر شرطاً لتعيين أي إمام رسمي في المسجد، وأنا في الحقيقة أنصح مَن تتوافر له الفرصة بأن يتولى الإمامة مبكراً لتساعده على حفظ نفسه وحفظ القرآن، وليكون إنساناً مستقيماً في سلوكه وفي خلقه، ولكن أحذره في المقابل من التصدّر قبل أن يتأهل في مسائل العلم، مهما بلغ جمال صوته واشتهر بين أقرانه. كم سنة وأنت تؤم المصلين في جامع الدخيل، وما الذي تغيّر عليك في رمضان هذا العام عن الأعوام الماضية؟ توليت الإمامة في هذا الجامع منذ 10 سنوات، والجديد في رمضان هذا العام هو حصولي على شهادة الدكتوراه، وهذا من نعم الله - عزّ وجلّ - عليّ وتيسيره ليّ. ما شعورك عندما تدخل المسجد وترى كل هذه الحشود التي تقف خلفك للصلاة؟ في الحقيقة أن الإنسان يفرح لكون الله تعالى اختاره من بين خلقه ليكون في مثل هذا المقام العظيم، وبأن يقرأ كلامه على عباده، فإذا أقبلت على الجامع ورأيت الحشود الكبيرة خلفي، تذكرت هذه النعمة الكبيرة ذات المسؤولية العظيمة. هل تتعمّد عادة التأثير في المصلين من خلال الصوت الخاشع؟ أحرص على تلاوة القرآن وتحسين الصوت به قدر المستطاع، وهذا توجيه نبوي كريم. ما رأيك في أئمة مساجد يبالغون في البكاء في أثناء صلاتهم؟ وهل هذا جائز؟ ارتفاع الصوت في البكاء والعويل مخالف تماماً للشرع، والذي ينبغي للإمام أن يكون بكاؤه طبيعياً دون مبالغة أو تصنّع، لما يخشى على صلاته من البطلان، كما أن الإمام له دور كبيرة في إثارة المشاعر في أوقات الدعاء، فإذا شعر الإمام أنه أوصل المصلين للبكاء الزائد فيجب عليه أن يخفّف حدة الدعاء. كيف تتم مراجعتك للقرآن الكريم قبل حلول شهر رمضان؟ وما طريقتك في ذلك؟ عادة أتلو القرآن على نفسي، وأحياناً أسمّع على أحد الإخوة ، أما في غير رمضان فالإنسان ينبغي أن يكون له ورد يومي من قراءة القرآن كي لا ينسى حفظه. هل تصطحب حفظة لكتاب الله من المشايخ الأجلاء للصلاة خلفك لتصحيح الأخطاء التي قد تقع فيها في أثناء تلاوتك؟ الحفظة خلفي كثر بحمد الله من المشايخ أساتذة جامعات وقضاة، ولكن لضبط مسألة الرد في حال وجود خطأ في التلاوة، فإني وكّلت المؤذن بفتح المصحف الشريف في أثناء صلاة التراويح، بحيث يراجع قراءتي ويصحّح لي إن أخطأت، وهذا أمرٌ جائزٌ في صلاة النافلة، وفيما لو فتح الأمر بالتصحيح للجميع فأخشى أن يؤثر في ذلك على التركيز، ولقد أبلغت المصلين بأن المؤذن هو المعني بالرد فقط. مَن يعجبك من أئمة المساجد الآخرين، ولماذا؟ الأئمة المتميزون كثر، ولكن الذين أفضلهم من خارج أئمة الحرم، الشيخ محمد صديق المنشاوي وسعد الغامدي، وناصر القطامي، وعادل الكلباني، وماجد الزامل، ومن أئمة الحرم ماهر المعيقلي. لو خيرت بالصلاة خلف أحدهم فمَن سيكون ولماذا؟ لو لم أكن إماماً لصليت التراويح خلف ناصر القطامي أو عادل الكلباني أو ماجد الزامل. هل تستمع لتلاواتك من القرآن أم تستمع لتلاوات قرّاء آخرين عند خلوتك؟ لا أستمع لتلاواتي إلا من باب مراجعة ما فيها من أخطاء أو ملاحظات قبل أن تخرج للسوق، أما الاستماع بقصد التعبُّد فإني لا أستمع لنفسي، بل أستمع للشيخ محمد المنشاوي، كما ذكرت لك، والغامدي، والعفاسي، ومحمد أيوب، والقطامي، والزامل، وغيرهم. ما رأيك في الدعاة الذين يقحمون السياسة والنكتة في أمور دينهم وحياتهم؟ ينبغي للأئمة والدعاة ألا يقحموا أنفسهم في السياسة إلا بقدر ما يحتاج إليه الناس في توجيههم وإرشادهم على التعامل الشرعي الأسلم في المرحلة التي يعيشونها، لأن الإنسان إذا تحدث بغير فنه أتى بالعجائب، وهناك بعض الخطباء قلب المنبر إلى منبر سياسي، وهذا إخراج للمنبر عمّا جُعل له، ومخالف لتوجهات وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف التي حذّرت من قلب المنبر لغير أهدافه. أما النكتة فإذا أتت من طبيعة الأشخاص بلا تكلف فلا بأس بها، وإن زادت على حدها فإنها غير مناسبة.
إنشرها

أضف تعليق