Author

نحن والطاقة.. كفاءة الاستخدام

|
استكمالا لما بدأناه الأسبوع الماضي من حديث عن الطاقة الكهربائية، ونظرا لأهمية وحيوية الموضوع من ناحية تنموية، فإننا نلقي الضوء اليوم على جانب آخر من الموضوع ألا وهو كفاءة استخدام الطاقة. خاصة بعد التقديرات الأخيرة، التي تشير إلى أن المملكة وفي ظل النهضة الكبيرة التي شهدتها على مدار العقدين الأخيرين، فإن معدل الاستهلاك سيتضاعف تقريبا بحلول عام 2030 إذا استمر النمو الاستهلاكي على هذا النمط. سمعنا أخيرا عن ربط إعطاء التراخيص الجديدة للمصانع بتنفيذ الحد الأدنى من معايير كفاءة استخدام الطاقة. فقد تم رفع الحد الأدنى لمعايير كفاءة الطاقة للمحركات الكهربائية وعديد من المعدات الصناعية الأخرى التي يعرف عنها استهلاكها الكبير للطاقة. كما أن تصميم وبناء هذه المصانع الجديدة سيتم طبقا لأفضل المعايير العالمية لكفاءة استهلاك الطاقة. وكان من الطبيعي جدا أن تتصدر أجهزة التكييف للمباني قائمة الاستهلاك، بمعدل 50 في المائة من إجمالي الاستهلاك، على أن هناك اتجاها برفع معدل كفاءة استخدام الطاقة في وحدات التكييف المنفصلة إلى 11.5 عام 2015. ويتبادر إلى الذهن السؤال عما سيكون عليه الحال لو أننا قمنا بفرض معايير بيئية محددة للمباني الجديدة، ترتكز إلى كفاءة العزل في تلك المباني بدلا عن حملات بيئية لم تحدث أي تغيير يذكر. وبالنظر إلى مستوى العمران الكبير الذي شهدته المملكة خلال الأعوام الخمسة الماضية، ولا سيما المدن الرئيسة منها، فإن مستوى ترشيد الاستهلاك الذي كان من الممكن تحقيقه سيكون أكبر من تكلفة مواد العزل المستخدمة، إذ تشير بعض الدراسات إلى أن استخدام مواد العزل تلك كان من الممكن أن يوفر أكثر من 30 في المائة من الاستهلاك. أي بحسبة بسيطة جدا، إجمالي الترشيد في الاستهلاك يساوي 30 في المائة مضروبا في عدد تلك الوحدات الجديدة. إن التحدي الأكبر اليوم، يكمن في الاتجاه العالمي الحديث نحو الانتقال من استخدام البترول كمصدر أساسي للطاقة إلى مصادر الطاقة المتجددة التي تنمو يوما بعد يوم في الدول المتقدمة، ما يشكل تهديدا لأسلوب حياتنا ودخلنا الذي يعتمد في الأساس على البترول والغاز. فأستراليا، وأجزاء من إفريقيا، وآسيا، وأمريكا اللاتينية، تستخدم طاقة الرياح كمضخات للري. ويقدر الباحثون أنها مستقبلا من الممكن أن تسد ما بين 20 و30 في المائة من إجمالي احتياج الطاقة العالمي. أما فيما يخص الطاقة الشمسية، فأإن الباحثين بدأوا أخيرا باستخدام تقنية جديدة للألواح، تعتمد على نسبة أقل من المعادن، ما يخفض تكلفتها بشكل ملحوظ، ويزيد من قدرتها على امتصاص ضوء الشمس بشكل أفضل. والطاقة الحيوية، يتم استخدامها في البرازيل كمنافس قوي للطاقة البترولية، علما بأنها في عام 2005، شكلت نحو 16 ــ 20 في المائة من إجمالي إمدادات الطاقة لكل من السويد وفنلندا. أما الولايات المتحدة، فقد تضاعف مخزونها من الكتل الحيوية الحيوية بين عامي 2002 ــ 2004، واليوم يخضع للاختبارات نوع جديد من النبات الهجين يسمى الدخن العضوي، يعد أكبر كفاءة لإنتاج الإيثانول من الذرة ومتوقع استخدامه خلال سنوات قليلة. وعلى صعيد الدول العربية، وتحديدا في مصر، تحدث أخيرا وزير الكهرباء والطاقة المتجددة عن أن استراتيجية البلاد التي تم بناؤها على أساس مساهمة الطاقة المتجددة بما نسبته 20 في المائة من إجمالي الطاقة المستهلكة، على أن يقوم القطاع الخاص بالاشتراك في هذه المشاريع بنسبة 67 في المائة، وتم الحديث أيضا عن حزمة من الحوافز للقطاع الخاص لقاء الاشتراك في تلك المشاريع. كما أن الحكومة ماضية بشكل نهائي، كما جاء على لسان وزير البيئة، في استخدام الفحم كمصدر من مصادر توليد الكهرباء. مما سبق، نشهد حراكا عالميا كبيرا نحو التحول التدريجي من استخدام مصادر الطاقة غير المتجددة مثل الغاز والنفط إلى مصادر متجددة يمكن الاعتماد عليها طويلا. حيث بدأت الاستثمارات الكبيرة في مجال البحث والتطوير حتى على مستوى استراتيجيات وزارات الكهرباء والطاقة. فإلى متى سنظل في هذا النهج الاستهلاكي متناسين الأجيال المقبلة؟ وكما قال هينريك تيكانين: "لأننا لا نفكر في الأجيال المقبلة، فهي لن تنسانا أبدا".
إنشرها