Author

تأثير الفراشة !!

|
تأمل : قد يصنع تغييرك حدث بسيط لم تكن لتدركه. فميلاد شيء صغير قد يتلوه عمارة حياة كاملة وتغير كبير! في أحيان كثيرة تمر بك أحداث صغيرة وبسيطة وعابرة، ولكنها قد تحدث تغييرا جذريا، وبعضها قد يكون نقطة تحول لحياتك بأكملها! قد تقرأ سطرا في كتاب، أو تسمع كلمة من أحدهم، أو ترى مقطع فيديو مسجل، أو تستمع إلى حديث عابر، فتتأثر ويتغير لديك في لحظة واحدة ربما مالا يغيره ألف كتاب وألف شخص مؤثر! ليس دائما تكون الأحداث الكبيرة هي ما تنسفنا أو تغيرنا، قد يكون ما تصنعه الأحداث الصغيرة أعظم وأكبر بمراحل وأكثر ملامسة لما يصنع التغيير بدواخلنا، وهذا يثبت طبيعتنا البشرية الرقيقة، القابلة للتغيير والتكوين السوي، حتى لو ظن العالم أن ذلك مستحيلا، فقد يحدث أمر غير متوقع وقد لا يلتفت له أحد فيحدث تغييرا قويا. وهذا ما يجعلني دائما أتفكر في أنه يلرمني أن لا أستصغر حدثا، أو أمرا. أو حتى كلمة بسيطة مهما كان حجمها، فاني لا أعلم أين سأحدث تغييرا، أو ماذا سيجعل مني أتغير! نظرية "أثر الفراشة" أو تأثير الفراشة، هي نظرية رياضية، فلسفية، فزيائية، تابعة لنظرية الشواش -الهرجلة- أو ما تعرف بنظرية الفوضى وهي جزء مشتق منها. سأحدثكم سريعا عنها لأنها نظرية علمية عميقة وممتعة. تقول النظرية أن هناك مجموعة أحداث كبيرة في هذا الكون قد تحدث ونظن أنها غير مترابطة، ولكن في النهاية عند جمع الأحداث نجدها تجتمع على حقيقة أن كل هذه الفوضى والعشوائيات ترتبط برابط مثير وخفي غامض، يجعلها غير عشوائية في الباطن أما في الظاهر فتظهر كأنها أحداث عشوائية غير منظمة وفي انفصال تام وليست مترابطة. نعود لنظرية أثر الفراشة التي يقول العلماء في شرحها ببساطة : "ترفرف الفراشة في طوكيو، فتحصل أعاصير في سان فرانسيسكو" تماما كما تحدثت عنه برؤية سيكولوجية، ولكن بإثباتات علمية. وهي تترجم وتفسر ذلك بأنه قد يحدث أحيانا ترابط وتأثيرات متبادلة لحدث، أو موقف بسيط، لا يمكن أن ندركه أو أن نشعر به حتى ولكن من ذلك الحدث تتوالد سلسلة أحداث وتغيرات جذرية وتطورات غير متوقعه كانت نتيجة حدث عابر أو غير مؤثر بالصورة المتوقعة. فمثلا قد يتحرك سلك كهربائي صغير فيحدث إلتماس، يتسبب في إنفجار وحريق كبير أصله كان تحرك بسيط ولكن النتيجة كانت كبيرة للغاية. حتى إن بعض الأعاصير قد يكون سببها رفة فراش! حتى على الصعيد الشخصي ومشاكلك في الحياة اليومية في بيئة العمل، أو بيئة الأسرة، قد تكون لأسباب تافهه، ولكن تكبر تلك الأسباب وتتطور وتصل إلى حد كنت في بداية الأمر تظنه لن يصل إلى هنا بتاتا. إننا في محطات الحياة لسنا في ثبات دائم، إنما في تجدد وتغيير وهذا أجمل ما يميز الحياة أنها لا تبقى على رتم واحد. إلا أننا نظل في حنين دائم لوقت معين وزمن معين نتمنى رجوعه. وأذكر في ذلك اقتباسا رائعا لعلي الطنطاوي رحمه الله يقول : "إنه ما مرَّ بنا عهد -على كثرة ما مرَّ من عهود- إلا بكينا فيه منه، وبكينا بعده عليه". ولكن لو استشعرنا أن الله يهبنا جمال اللحظة في كل حين لما التفتنا إلى الخلف أبدا! إنه في كل يوم مستودع لك من الله رحمة لا تدركها، ولطف منه سبحانه يمتد حد تغطيتك برفق عظيم. أعود لأقول أن أجمل التغيير، هو التغيير الغير متوقع، وليس ما خططنا له، وما قصدناه فعليا، إنما ذاك الذي يجبرنا أن نهذب ذواتنا فجأة دون سابق ترتيب أو إنذار. لأنه دائما ما يكون عميقا وقويا بالفعل. لفتة صغيرة أختم بها : ابحثوا عن أفلام علمية وثائقية لنظرية أثر الفراشة، فهي مُلهمة وتوسع مدراك العقل وتفتح آفاقا غير متوقعة! كما هي النظرية بالفعل، فحدث صغير قد يخلق المستحيل واللآمتوقع!
إنشرها