Author

أهم 10 تحديات اقتصادية أمام السعوديين

|
عضو جمعية الاقتصاد السعودية
ليس الهدف من الحديث عن التحديات الاقتصادية مجرّد سرْدها والسّلام، بقدر ما أنّه محاولة لإعادة تحديد ورسْم السياسات والبرامج الاقتصادية الساعية للنهوض بالاقتصاد الوطني، والدفع به نحو تحقيق النمو والاستقرار المستدامين، وأنْ تتحقق الأهداف النهائية للتنمية الشاملة والمستدامة، وفقاً لسياساتٍ أكثر ديناميكة تتخلص من الجمود الذي شابها طوال أكثر من أربعة عقودٍ مضتْ. قد نحصرها في عشْرة أو عشرين تحديا معيّنا، وقد تزيد أو تنقص مستقبلاً، غير أنّ الأهم من كل ذلك هو "كيف" سنتجاوز أيّا من تلك التحديات الاقتصادية، سواءً منفردةً أو مجتمعة؟ والتقدّم من ثم على طريق إثبات الوجود والتنافس بين بقية الاقتصادات إقليمياً ودولياً. أكتملتْ لدينا حتى المقال الأخير ستّة تحدياتٍ بغض النظر عن ترتيبها للذكر، الذي قد يختلف عن ترتيبها حسب الأولوية، وهي: (1) تحديات السوق العقارية. (2) تحديات سوق العمل. (3) تأخّر درجة تقدّم تنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني. (4) الفساد. (5) قصور أداء الأجهزة الحكومية. (6) الاستهلاك المفرط لمواردنا من الطاقة. اختتمها في مقال اليوم، لتتم كأهم عشرة تحدياتٍ اقتصادية نواجهها. (7) ضعف دعْم المنشآت المتوسطة والصغيرة: التي تعاني عددا من الصعوبات من أبرزها 1 - مشاكل التمويل، لانعدام مرونة حصولها على القروض والتسهيلات المصرفية اللازمة لمشروعاتها. 2 - العلاقة المعقدة مع الجهات الحكومية، كالجمارك، ومكاتب العمل، ومكاتب الاستقدام، والدفاع المدني، وأغلبية الجهات الرسمية التي تتطلب الحصول على تراخيص نظامية منها، وطول الوقت الذي يحتاج إليه أو يهدره من أجل استيفاء تلك المتطلبات المعقدة والإجراءات الشاقة والطويلة. 3 - المعوقات المتعلقة بتسويق منتجات وخدمات هذه المنشآت الناشئة داخل البلاد وخارجها، وصعوبة منافسة السلع أو الخدمات المماثلة في السوقين المحلية والخارجية. 4 - عدم استفادة تلك المنشآت من المعلومات المتوافرة عن الأسواق التي تعمل فيها، إما لصعوبة الوصول إليها، أو لتكلفتها الباهظة، أو لجهل أصحابها المبتدئين، أو لعدم وجود تلك المعلومات والبيانات في الأصل. (8) استمرار تفاوت مستويات التنمية بين المناطق الحضرية الكبرى والحضرية الصغرى "النائية": على الرغم من كونه هدفاً استراتيجياً لخطط التنمية الأخيرة، إلا أنّ تحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لم يُنجز في شأنه الكثير، وهو ما يقف وراء استمرار وتيرة الهجرة السكانية "المؤقتة، الدائمة" إلى المدن الكبرى، ما أدّى إلى الاكتظاظ السكاني في المدن وزاد من صعوبة المعيشة. السؤال هنا: ماذا نتج حتى تاريخه من نتائج ملموسة من بعد صدور الأمر السامي بالموافقة على "استراتيجية تحسين الوضع المعيشي لجميع المواطنين في جميع مناطق المملكة" قبل أكثر من عقدّ من الزمن، أيّ في نهاية 2003؟ والتي استهدفتْ تحسين ورفع الأوضاع المعيشية للمواطن فيما يتعلق بالإسكان، والصحة، والتعليم، والبنية الأساسية مثل الكهرباء، والمياه، والنقل، والزراعة، والاتصالات، وغيرها، وذلك في إطار استراتيجية مكافحة ظاهرة الفقر، واستراتيجية تقليص ظاهرة البطالة؟ أترك الإجابة لكم. (9) تفاقم أشكال اقتصاد الظل "الاقتصاد الأسود": يمثّل مجموع الأنشطة التجارية المُسيطر عليها من العمالة الوافدة سواءً تحت جريمة التستر التجاري، أو غيره من الأنماط التي سهّلتْ لها ممارسة تلك الأنشطة خارج دائرة الاقتصاد الرسمي، ويُقدّر حجمه بين 30 في المائة و 40 في المائة من حجم الاقتصاد الكلي، لعل من أبرز مؤشرات تواجده ارتفاع مستويات حوالات العمالة الوافدة إلى الخارج بأكثر من 55 في المائة مقارنةَ بمستويات أجورها السنوية الرسميّة، حيث وصلتْ خلال العام الماضي إلى نحو 148 مليار ريال، ويُقدّر أنْ ترتفع خلال العام الجاري وفقاً لأحدث بيانات "ساما" إلى أكثر من 158 مليار ريال. إنّ الحديث هنا يتركّز حول الأنشطة المتسببة في حرمان الاقتصاد من خلق الوظائف للمواطنين، والمساهمة بالدرجة الأولى في زيادة التسرب الاقتصادي والمالي إلى الخارج، هذا عدا أنها تهدد مستويات الجودة والإنتاجية في داخل الاقتصاد، وتزيد من عمليات التستر والغش التجاري، وامتداد مخاطرها الكبيرة إلى تهديد الصحة والبيئة، إضافةً إلى الأخطار الاجتماعية والأمنية التي يمكن أن تتسبب فيها تلك العمالة. (10) الأمن المائي والغذائي: حينما نجد أنْ أغلب استهلاكنا في هذا الجانب الحيوي البالغ الأهمية يعتمد على تحلية المياه والاستيراد من الخارج، فإنّ أهمية هذا البعد الاستراتيجي تتجاوز كثيراً مجرّد التفكير في عامل التكلفة فقط! ذلك أنّ أيّ أمّةٍ من الأمم تعتمد على غيرها في مسألة غذائها ومائها، غالباً ما تكون درجة المخاطر التي تهددها على مستوياتٍ مرتفعة، والتحدّي هنا يتطلّب جهوداً أكثر إدراكاً لحجم تلك المخاطر، والعمل وفق رؤية استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار هذه المخاطر وبقية المعطيات المرتبطة بها. لعل من أهم ما يمكن قوله في هذا المقام، إنّ تخصيص جزءٍ من الاحتياطيات المتوافرة لدينا للاستثمار في تطوير قدراتنا على الإنتاج الغذائي والزراعة وتحلية المياه، يعد واحداً من أهم القرارات والإجراءات الواجب دراستها، والإسراع في اتخاذ ما يجب تجاهها، وقد يكون من الضرورة القيام بهذا التوجّه الاستراتيجي خارج دائرة الجهات المعنية في الوقت الراهن "وزارتي الزراعة والمياه"، بأن تؤسس هيئة حكومية تُعنى بالأمن المائي والغذائي، تتجاوز بمرونتها والاستقلالية المأمولة لها التضارب الراهن بين الوزارتين المذكورتين. هناك تحديات أخرى، تتعلق بالتعليم العام والعالي والتدريب الفني، وضرورة تأهيله لأن يكون رواقاً يكفل أعلى معدلات تعليم وتأهيل الموارد البشرية الوطنية، لتكون عناصر منتجة وفاعلة في الاقتصاد الوطني، والنظر مجدداً في جدوى كثيرٍ من التخصصات الموجودة في الوقت الراهن، وضرورة ربطها باحتياجات الاقتصاد الوطني المنشود مستقبلاً، لا الموجود على هيئته الراهنة "الاعتماد المفرط على النفط"! وتحدياتٍ أخرى ترتبط بفئات الشباب والمرأة وكبار السن من المتقاعدين والعجزة، وكلها تتضمّن أبعاداً تنموية بالغة الأهمية، تحوم أغلبها حول ضرورة منح الفئات الشابّة ذكوراً وإناثاً من المجتمع مساحاتٍ أكبر من التمكين والدعم والرعاية، وأنْ يتم توفير الأحزمة الكافية على المستوى المادي والاجتماعي والصحي والتعليمي والإسكان بأعلى مما هو قائمٌ اليوم بالنسبة للمرأة "المطلقة، الأرملة، العاجزة" والمتقاعدين وكبار السن. نعم هي تحدياتٌ تُعنى بالاقتصاد، غير أنّها قبل كل ذلك مرتبطةٌ ارتباطاً وثيقاً بالإنسان السعودي على مختلف فئاته، يجب أنْ تكون الأولى في سلّم إدراكنا وتفكيرنا المشترك، وضمن أولويات خططنا وبرامجنا التنموية، وهو ما سيتم التوسّع فيه كتابةً وحديثاً في المقالات القادمة بمشيئة الله. والله ولي التوفيق.
إنشرها