Author

«الترميش»

|
قرأت حديثا عن "الترميش"، لكنني لم أدرك أنه انتشر بشكل مَرَضي في محافظات ومناطق عديدة. بل أكاد أجزم أنه كرة ثلج ستتحول إلى انهيار كبير، لا يمنع ضرره المحاولات سواء كانت قانونية أو "عضلاتية". هذا المشهد هو تكرار لمشاهد سابقة لا يزال ضحاياها يبكون أموالهم التي "ضاعت وسط الزحام". كتبت عن "مادوف" وهو سيد تطبيق خدعة "بونزي" في العصر الحاضر، حيث أنشأ "محفظة مادوف الاستثمارية" التي بلغ حجم أصولها أكثر من 60 مليار دولار. يقضي الرجل عقوبات عديدة بالسجن ومطالب بسداد نحو 20 مليار دولار. أشك في أن لدينا من هم في عبقرية "مادوف"، فالرجل استمر في خدعته لمدة قاربت الـ 50 عاما، ولولا الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد الأمريكي لما اكتشف. أفضل التطبيقات هي عندما يتمكن المضارب من الإبقاء على ثقة الناس بحيث لا يطالبون بأموالهم، فإن فعل عدد قليل منهم، يدفع لهم من أموال مساهمين جدد. بالعودة إلى "عمليات بونزي" في السعودية، نكتشف أن أغلبها لم يتجاوز العامين. أي أن إدارة الأموال لم تكن بالمستوى الاحترافي لبونزي أو مادوف. لا يزال عدد كبير من نصابي "بونزي" في المملكة يقبعون في السجون. البعض خرجوا على أمل أن يسددوا أموال الناس، لكنهم لم يفعلوا حتى الآن، وهو ما يوحي بالشك حيال أسباب إطلاق سراحهم ومصير أموال الناس. خدعة الترميش الجديدة القديمة، هي عملية يتم من خلالها شراء السلع "السيارات غالبا" بأسعار تتجاوز قيمتها الحقيقية بمراحل، دون الالتزام بتسديد دفعات. يعتمد نجاحها على استمرار تدفق الناس والشراء وبالتالي يمكن أن يُسدد القلة الراغبين في استرجاع أموالهم. تعتمد الحبكة الدرامية على الجشع البشري، فعندما يرى المستثمر أمواله عادت وزيادة، سيطمع في المزيد فيقول خذوا ما عندكم، وسأحضر أموالي ومجوهرات زوجتي، وقد يبيع بيته لاستثمار المال في "الترميش البونزي". حسنا فعلت وزارة الداخلية عندما قبضت على "المرمشين". هذا الالتزام القانوني على الوزارة يدفع بالمتضررين من عمليات تشغيل أموال سابقة إلى المطالبة بحقوقهم من الوزارة التي كانت سلبية في حالاتهم، خصوصا أن العمليات تمت تحت سمع وبصر وتنظيم وحماية إدارات الشرطة في مناطق عدة.
إنشرها