FINANCIAL TIMES

حياة مريحة وضغط على النفقات

حياة مريحة وضغط على النفقات

لي إي ماي، التي تبلغ 27 عاماً، تعمل في مكتب شركة دولية للاستشارات في كوالالامبور، تبدو أنها تعيش حياة مريحة بحسب المقاييس الماليزية. يبلغ دخلها الشهري 3100 رينجيت “962 دولارا”، وتقود سيارة سعرها 78 ألف رينجيت وتصف نفسها بأنها “في الشريحة العليا” لما تعتبره الطبقة الوسطى. تعطيك بسرعة ملامح القصة الأخرى وراء أسلوب حياتها الذي يبدو مريحاً في ظاهره. لقد اشترت السيارة بمساعدة قرض بنكي يفرض عليها أن تدفع 600 رينجيت شهرياً لخدمة الدين، وتعيش في وسط المدينة في شقة اشتراها والدها. هذا لا يعني فقط أنها تتجنب المآزق والاختناقات اليومية التي تميز العاصمة الماليزية، بل توفر على نفسها إنفاق مبلغ 400 رينجيت شهريا على البنزين والوقود الذي كان حتى بضعة أشهر، مدعوما بنسبة الثلث. وتقول: “أنا محظوظة للغاية. ومع ذلك أشعر بضغط النفقات علي. كثير منا لديهم هذا الشعور”. تعتبر ماليزيا واحدة من البلدان القليلة في آسيا التي تسعى للتعامل مع الإصلاحات الهيكلية، مثل تقليص مساعدات الدولة في دعم المواد الأساسية، في مسعى لتخفيض الدين العام، الذي يشكل 54.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يجعله من أعلى المستويات في آسيا. في الشهر الماضي قال رئيس الوزراء نجيب رزاق إن فاتورة الدعم الحكومي ترتفع بصورة سريعة فوق الحد، وحذر من أن الإخفاق في تقليص الإنفاق الحكومي يمكن أن يؤدي إلى فقدان ثقة المستثمرين، “وما يترتب على ذلك من المشقة على الناس”. في أيلول (سبتمبر) قلصت الحكومة دعم الوقود، وفرضت ضريبة على المبيعات بنسبة 6 في المائة سيبدأ سريان مفعولها في السنة المقبلة. يشعر كثير من الماليزيين، مثل لاي، بضغط النفقات في الوقت الذي يُسحَب فيه الدعم الحكومي. ارتفع سعر البنزين الآن بنسبة 10 في المائة في أعقاب الجولة الأولى من تقليص الدعم. يتوقع المحللون ارتفاعاً آخر في الأسعار في حزيران أو تموز (يونيو أو يوليو)، حين يبدأ مفعول الجولة الثانية. كذلك ارتفعت تعريفات الكهرباء بنسبة 15 في المائة في كانون الثاني (يناير). من الآثار الأخرى المترتبة على ذلك هو ارتفاع التضخم، الذي ارتفع بصورة حادة منذ أن بدأ سريان مفعول الإجراءات، ومن المتوقع أن يرتفع مرة أخرى. يقول تشارلز سنتياجو، وهو نائب عن المعارضة: “تُرِك الناس وهم معلقون، لأنهم يعيشون على نمط أفراد الطبقة الوسطى، لكن قدرتهم على تحصيل الدخل تراجعت بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.” الأسوأ من ذلك أن كثيراً من الماليزيين ركبوا موجة الائتمان الرخيص، وتحمّلت الأسر ديوناً لا يستهان بها. كارميليو فريليتو، وهو زميل في معهد الديمقراطية والشؤون الاقتصادية في كوالالمبور، يحذر بقوله: “الخطر هو أنه إذا لم يغير الماليزيون عاداتهم في الإنفاق ويعودوا إلى توجه أساسه الادّخار، فحين تأتي الأزمة، ستختفي الطبقة الوسطى”.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES