default Author

لا داعي لأن تتنفس

|
من ذكريات الطفولة التي لم أستطع نسيانها تساؤلي الدائم عن فائدة هذه العملية التي نقوم بها ليل نهار ولا نتوقف أبداً! كنت أحاول أن أكتم أنفاسي إلى أن أقترب من الاختناق ثم أرفع يدي وأكرر المحاولة دون أن أجرؤ على سؤال أحد عن السر! واليوم يأتي أحد أعظم اختراعات القرن الحالي ويجعل مما تمنيته سابقا أن أتمكن من العيش دون أن أتنفس من دون هذا الشهيق والزفير المتكرر! ولكن كيف حدث ذلك؟ كان حُزن الطبيب "جون خير" الكبير قبل سبع سنوات على مريضته الطفلة الصغيرة عندما وقف عاجزا عن إنقاذ حياتها بعد إصابتها بتلف في الدماغ نتيجة نقص الأكسجين بسبب التهاب ونزيف في الرئة رغم كل المحاولات التي بذلها وفريقه الطبي، لكنه لم يتمكن من وضعها على جهاز التنفس الصناعي؛ ما دفعه إلى الضغط على فريقه الطبي في مستشفى الأطفال في بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية لإيجاد بديل لإيصال الأكسجين إلى الجسم دون الحاجة إلى التنفس أو للرئتين، فكان الحل "حقنة الأكسجين" التي ظهرت إلى النور عام 2012م، وبواسطتها يتم حقن سائل يحتوي على جزيئات الأكسجين الممزوجة بالدهن، التي لا يتعدى حجمها أربعة ميكرومترات إلى مجرى الدم مباشرة، واستطاعوا رؤية تأثيرها الخيالي بالعين المجردة قبل أن يجربوها على الإنسان أو الحيوان بعد أخذ عيّنة من مريض بنقص الأكسجين ومزج السائل معه في أنبوبة اختبار، ورأوا كيف يتحول لون دمه الأزرق إلى أحمر قانٍ! يقول "جون خير": إن هذه أفضل طريقة لحقن الأكسجين بعد أن فشلت محاولات مماثلة في الماضي؛ لأن فقاعات غاز الأكسجين كانت تتسبب في انسداد الخلايا بدلا من إمدادها بالأكسجين. ويسمح هذا الاختراع للفرق الطبية والمسعفين بإبقاء المرضى الذين يعانون فشلا كبيرا في الجهاز التنفسي على قيد الحياة وبصحة جيدة لـ 15 إلى 30 دقيقة من دون وضعهم على جهاز تنفس صناعي، مما يعطي للأطباء والمسعفين الوقت الكافي للتصرف من دون أن يحدث للمريض نوبة قلبية أو إصابات دماغية دائمة. وقد تصبح حقنة الأكسجين في المستقبل إحدى أهم وسائل الإسعافات الأولية، وتمكننا من رؤية غوّاصين دون أسطوانات غاز على ظهورهم، ورواد الفضاء سيعيشون بحرية بعد أخذ جرعة من حقنة الحياة، كما قد تحمي المتسابقين في المنافسات الرياضية، ومتسلقي الجبال من الإجهاد والانهيار قبل خط النهاية.
إنشرها