Author

ترجمة للحب ..!

|
البارحة ما قبل النوم كنت أفكر في ترجمة للحب، ترجمة تكون مختلفة! فكنت أهذي بالكثير ولكن هاتفي لم يكن قريبا لأدّون تلك الثرثرة. الحُّبْ، هو إسقاط التوقعات، والأسباب والمسببات. هو تجاوز الأسئلة، دون معرفة أجوبتها الحقيقية، وتجاوز حروف الجر والتمني والجزم والنفي. هو كسر القواعد، الاعتقادات، الفرضيات، النظريات. هو دون المادة تماما، فلا هو مرتبط بالجمال المادي مثلا -لأني أقصد هنا ترجمة الحب الأسمى وهو الروحي-. لأنك حين تحب أحدهم لمجرد جماله، أو علمه، أو ثقافته وسعة إطلاعه، فسيتوقف حبك له - الذي تظنه حبا - حال إنتهاء وتوقف تلك الصفة! لذلك يلزمك التفرقة بين الحب، وبين الإعجاب الذي يهوي بك إلى القاع في كل مرة يؤول ما تنجذب إليه إلى صفة زائلة تقترب من الموت والذبول. الحُّبْ. هو اللذة والرعشة واللهفة المتبوعة بإرتباك وبعثرة لغوية وصوتية وشعورية، والألم المصحوب باستمتاع. هو الحزن لكن ليس الحزن السوداوي، إنما الحزن في قلق المحب من مفارقة حبيبه، والشوق إليه، والتوجع عليه حال ألمه. هو الإنعتاق من شوائب النفس، وتنقيتها بعناق وإلتحام كامل مع ذاك الذي يُدعى حُب. ليس مرتبط بالعمر، ولا بالجنس، ولا باللون ولا بالشكل ولا بالهيئة ولا الهوية ولا حتى بالمقومات التي تدعو للإعجاب بذات الشيء. فكم مرة أحببنا من هم دون الحب أصلا! وليس مرتبط بالمقامات أبدا، فكم من عالم وشيخ وفيلسوف غارق في فلسفته استيقظ فجأة ليجد روحه وقلبه في أسر لذاك الحب! وليس مرتبط بالقوة ولا بالضعف، ولا بالقرب ولا بالبعد، ولا بالممكن ولا بالمستحيل! إنه مرتبط بالسرمد وبالأبدية والخلود وبالذات العليا في حين أنك تتمنى أن تواصل السير عنده في ارتباطك السماوي في ذاك الحب حتى ما بعد الموت وما بعد البعث، فمن يحب يستحيل له أن يكره، وإن حدث ذلك، فهو لم يحب أصلا، إنما أُعجب، أو ربما أشبع لديه حاجة معينة وحين فراغه منها شعر بإنتهاء لذلك الشعور الذي كان يظنه حبا! فمن يحب لا يكره، ولا ينسى، ولا يلوم حبيبه، ولا يتمنى ألمه. الحب وكامل الحب هو أن تحب دون أن تسأل لماذا أصلا
إنشرها